توجيه معاوية عمرو بن العاص إلى مصر[1]
إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا بَلَغَهُ تَفَرُّقُ النَّاسِ عَنْ عَلِيٍّ ع وَ تَخَاذُلُهُمْ أَرْسَلَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إِلَى مِصْرَ فِي جَيْشٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَسَارَ حَتَّى دَنَا مِنْ مِصْرَ فَتَلَقَّى مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَ كَانَ عَامِلَ عَلِيٍّ عَلَى مِصْرَ فَلَمَّا نَزَلَ أَدَانِيَ مِصْرَ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الْعُثْمَانِيَّةُ فَأَقَامَ بِهَا وَ كَتَبَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ فَتَنَحَّ عَنِّي بِدَمِكَ يَا ابْنَ أَبِي بَكْرٍ فَإِنِّي لَا أُحِبُّ أَنْ يُصِيبَكَ مِنِّي ظَفَرٌ وَ إِنَّ النَّاسَ بِهَذِهِ الْبِلَادِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِكَ وَ رَفْضِ أَمْرِكَ وَ نَدِمُوا عَلَى اتِّبَاعِكَ وَ هُمْ مُسَلِّمُوكَ لَوْ قَدِ الْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانِ[2] فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ وَ السَّلَامُ. قَالَ: وَ بَعَثَ عَمْرٌو أَيْضاً مَعَ هَذَا الْكِتَابِ بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَيْهِ وَ فِيهِ-: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ غِبَّ الْبَغْيِ وَ الظُّلْمِ عَظِيمُ الْوَبَالِ وَ إِنَّ سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ لَا يَسْلَمُ صَاحِبُهُ مِنَ النَّقِمَةِ فِي الدُّنْيَا وَ التَّبِعَةِ الْمُوبِقَةِ[3] فِي الْآخِرَةِ وَ مَا نَعْلَمُ أَحَداً كَانَ أَعْظَمَ عَلَى عُثْمَانَ بَغْياً وَ لَا أَسْوَأَ لَهُ عَيْباً وَ لَا أَشَدَّ عَلَيْهِ خِلَافاً مِنْكَ سَعَيْتَ عَلَيْهِ فِي السَّاعِينَ وَ سَاعَدْتَ عَلَيْهِ مَعَ الْمُسَاعِدِينَ[4] وَ سَفَكْتَ دَمَهُ مَعَ السَّافِكِينَ ثُمَّ أَنْتَ تَظُنُّ أَنِّي عَنْكَ نَائِمٌ ثُمَّ تَأْتِي بَلْدَةً فَتَأْمَنُ فِيهَا وَ جُلُ
[1] معظم ما تحت هذا العنوان نقله ابن أبي الحديد م 2/ 32 عن« الغارات» و سنشير الى بعض الفوارق بحرف ش.
[2] البطان للقتب: الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير، يقال: التقت حلقتا البطان للأمر إذا اشتد.
[3] الموبقة: المهلكة.
[4] ما بين القوسين ساقط من ظ.