قَدْ كَانَ عَلَيْنَا حَرْباً وَ كُنَّا فِيهِمْ قَلِيلًا وَ قَدْ أَصْبَحُوا لَنَا هَائِبِينَ وَ أَصْبَحْنَا لَهُمْ مُنَابِذِينَ فَإِنْ يَأْتِنَا مَدَدٌ مِنْ قِبَلِكَ يَفْتَحِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ وَ هُوَ حَسْبُنَا[1] وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ. قَالَ: فَجَاءَ هَذَا الْكِتَابُ مُعَاوِيَةَ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ بِفِلَسْطِينَ[2] فَدَعَا النَّفَرَ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَ غَيْرِهِمْ وَ أَقْرَأَهُمُ الْكِتَابَ وَ قَالَ لَهُمْ: مَا ذَا تَرَوْنَ؟ قَالُوا: نَرَى أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهِمْ جُنْداً مِنْ قِبَلِكَ فَإِنَّكَ مُفْتَتِحُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ مُعَاوِيَةُ: فَتَجَهَّزْ إِلَيْهَا يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَبَعَثَهُ فِي سِتَّةِ آلَافِ رَجُلٍ فَخَرَجَ يَسِيرُ وَ خَرَجَ مَعَهُ مُعَاوِيَةُ يُوَدِّعُهُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ عِنْدَ وَدَاعِهِ إِيَّاهُ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ يَا عَمْرُو وَ بِالرِّفْقِ فَإِنَّهُ يُمْنٌ وَ بِالتُّؤَدَةِ فَإِنَّ الْعَجَلَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ بِأَنْ تُقْبِلَ مَنْ أَقْبَلَ وَ أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ أَدْبَرَ أَنْظِرْهُ[3] فَإِنْ تَابَ وَ أَنَابَ قَبِلْتَ مِنْهُ وَ إِنْ أَبَى فَإِنَّ السَّطْوَةَ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ أَبْلَغُ فِي الْحُجَّةِ[4] وَ أَحْسَنُ فِي الْعَاقِبَةِ وَ ادْعُ النَّاسَ إِلَى الصُّلْحِ وَ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ أَنْتَ ظَفِرْتَ فَلْيَكُنْ أَنْصَارُكَ آثَرَ النَّاسِ عِنْدَكَ وَ كُلَّ النَّاسِ فَأَوْلِ حُسْناً.
[1] ظ« و حسبنا».
[2] ظ« قال فجاء الكتاب و معاوية يومئذ بفلسطين».
[3] أنظره: أخّره.
[4] ظ« من الحجّة».