وُرَّاثُكُمْ وَ حُشِرَ فِي الْيَتَامَى أَوْلَادُكُمْ وَ الْمَنَازِلُ الَّتِي شَيَّدْتُمْ وَ بَنَيْتُمْ سَكَنَهَا أَعْدَاؤُكُمْ فَمَا أَخْبَارُكُمْ فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ قَدْ تَخَرَّقَتِ الْأَكْفَانُ وَ انْتَشَرَتِ الشُّعُورُ وَ تَقَطَّعَتِ الْجُلُودُ وَ سَالَتِ الْأَحْدَاقُ عَلَى الْخُدُودِ وَ تَنَازَلَتِ الْمَنَاخِرُ وَ الْأَفْوَاهُ بِالْقَيْحِ وَ الصَّدِيدِ وَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجَدْنَاهُ وَ مَا أَنْفَقْنَاهُ رَبِحْنَاهُ وَ مَا خَلَّفْنَاهُ خَسِرْنَاهُ نَحْنُ مُرْتَهَنُونَ بِالْأَعْمَالِ نَرْجُو مِنَ اللَّهِ الْغُفْرَانَ بِالْكَرَمِ وَ الِامْتِنَانِ.
الباب الثالث و الخمسون في العقل و أن به النجاة
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْعَقْلَ مِنْ نُورٍ مَخْزُونٍ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَ لَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ فَجَعَلَ الْعِلْمَ نَفْسَهُ وَ الْفَهْمَ رُوحَهُ وَ الزُّهْدَ رَأْسَهُ وَ الْحَيَاءَ عَيْنَهُ وَ الحِكْمَةَ لِسَانَهُ وَ الرَّأْفَةَ هَمَّهُ وَ الرَّحْمَةَ قَلْبَهُ ثُمَّ إِنَّهُ حَشَاهُ وَ قَوَّاهُ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ الْيَقِينِ وَ الْإِيمَانِ وَ الصِّدْقِ وَ السَّكِينَةِ وَ الْوَقَارِ وَ الرِّفْقِ وَ التَّقْوَى وَ الْإِخْلَاصِ وَ الْعَطِيَّةِ وَ الْقُنُوعِ وَ التَّسْلِيمِ وَ الرِّضَا وَ الشُّكْرِ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ ضِدٌّ وَ لَا مِثْلٌ وَ لَا شَبِيهٌ وَ لَا كُفْوٌ وَ لَا عَدِيلٌ الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ خَاضِعٌ ذَلِيلٌ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً أَحْسَنَ مِنْكَ وَ لَا أَطْوَعَ لِي مِنْكَ وَ لَا أَرْفَعَ وَ لَا أَشْرَفَ مِنْكَ وَ لَا أَعَزَّ عَلَيَّ مِنْكَ بِكَ أُوَحَّدُ وَ بِكَ أُعْبَدُ وَ بِكَ أُدْعَى وَ بِكَ أُرْتَجَى وَ بِكَ أُخَافُ وَ بِكَ أُبْتَغَى وَ بِكَ أُحْذَرُ وَ بِكَ الثَّوَابُ وَ بِكَ الْعِقَابُ فَخَرَّ الْعَقْلُ عِنْدَ ذَلِكَ سَاجِداً وَ كَانَ فِي سُجُودِهِ أَلْفَ عَامٍ فَقَالَ تَعَالَى ارْفَعْ رَأْسَكَ وَ سَلْ تُعْطَ وَ اشْفَعْ تُشَفَّعْ فَرَفَعَ الْعَقْلُ رَأْسَهُ فَقَالَ إِلَهِي أَسْأَلُكَ أَنْ تُشَفِّعَنِي فِيمَنْ جَعَلْتَنِي فِيهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ شَفَّعْتُهُ فِيمَنْ خَلَقْتُهُ فِيهِ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَا يَكُونُ الْعَاقِلُ مُؤْمِناً حَتَّى تَجْتَمِعَ فِيهِ عَشْرُ خِصَالٍ الْخَيْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ يَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ الْخَيْرِ مِنْ غَيْرِهِ وَ يَسْتَقِلُّ كَثِيرَ الْخَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَسْأَمُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ طُولَ عُمُرِهِ وَ لَا يَتَبَرَّمُ لِطَلَبِ الْحَوَائِجِ مِنْ قِبَلِهِ الذُّلُّ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعِزِّ وَ الْفَقْرُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْغِنَى نَصِيبُهُ مِنَ الدُّنْيَا الْقُوتُ-