اعلم أن الرفق أفضل أوصاف الملك و أحمد خلائقه[1]
في التدبير، لانه يبلغ به في (جباية الأموال)[2]
من الرعية ما لا يبلغ بالخرق. (فإن الرعية قد تعامل بالرفق فتزول أحقادها و يسهل
مقادها، و قد تعامل بالخرق)[3]، فتكاشف
بما أضمرت و تقدم على ما نهيت، ثم إن غلبت كان غلبها دمارا[4]،
و إن غلبت لم يحصل بغلبها افتخار.
و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم[5]:
لو أن الرفق رجل لكان حسنا و لو كان الخرق رجلا لكان قبيحا.
و قد يبلغ الملك برفقه و لينه في التدبير[6]
ما لا يبلغه بخرقة، ألا ترى أن الريح العاصف بقوتها و هول صوتها كيف يتداخل الشجر
و لا يقلع المستخلف (منه؟! و الماء بلينه و سلاسته يبلغ في أصل الشجر فيقلع)[7] المستخلف منه من أصوله[8]. و تنال العلقة من الدم بغير أذى و
لا سماع صوت، ما لا تنال البعوضة بهول صوتها و أليم لسعها. و بالرفق و لين[9] التدبير ينقلب العدو صديقا كالسهم
القاتل، إذا أرفق به المقدر له، و أحسن في تقديره و لطف في تدبيره صار دواء و
انقلب شفاء)[10]. قال
اللّه تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[11].
و بالخرق ينقلب الصديق عدوا، كالطعام الذي هو غذاء الانسان و قوام