جسده إذا أساء المقدر له في تقديره و أفرط
في تناوله صار داء و انقلب أذى.
و حكي أن كسرى أنوشروان سأل حكيما من حكمائهم فقال[1]:
ما عز الملك؟ قال: الطاعة، قال فما سبب الطاعة؟ قال: التودد للخاصة و العدل على
العامة، قال: فما صلاح الملك؟ قال: الرفق بالرعية و أخذ الحق منهم في غير مشقة و
أداؤه إليهم عند أوانه.
و حكي شجاع الاحمر قال: دخلت على المتوكل[2]
(و بين يديه)[3] نصر بن
علي الجهضمي[4][5] و هو يحث المتوكل على الرفق
بالرعية (و يرغبه فيه و المتوكل ساكت، فلما فرغ من كلامه التفت إليه المتوكل و
قال: حدثني)[6] مؤدبي
الفضل
[1] - تنسب الحكاية و القول ليزدجرد بن بهرام في شرح
نهج البلاغة 3/ 33. و وردت على لسان احد ملوك الفرس في الجوهر النفيس ص 74 و نصها:
سأل ملك من ملوك الفرس موبذان موبذ: ما شيء واحد يعزبه السلطان؟ قال: الطاعة. قال
فما سبب الطاعة؟ قال تقريب الخاصة و العدل على العامة. قال: فما صلاح الملك؟ قال:
الرفق بالرعية و اخذ الحق منهم و اداؤه إليهم عند أوانه و سد الفروج ... قارن
الحكاية و القول أيضا: في سراج الملوك للطرطوشي ص 74. سلوان المطاع في عدوان
الاتباع ص 81. و مفيد العلوم، ص 417.
[2] - المتوكل:( 207- 247 ه) هو جعفر أبو الفضل بن
المعتصم بن الرشيد بن محمد الهادي بن المنصور العباسي، أمه ام ولد اسمها شجاع،
بويع بالخلافة سنة 233 ه. بعد الواثق، أظهر ميلا للسنة و نصر أهلها، و كان كريما
معطاء و اتصف بالعدل و الاستقامة، و يذكر عنه انه كان محبا للترف و المجون. حاول
نقل عاصمة الخلافة الى دمشق و اضطهد المعتزلة، و كانت نهايته على يد ولده المنتصر
الذي دبر مؤامرة لقتله. قارن: الفخري في الآداب السلطانية ص 235. تاريخ الخلفاء ص
230 و ما بعدها. البداية و النهاية 10/ 310- 311 و 349 و 352. الكامل في التاريخ
5/ 278- 279. مروج الذهب للمسعودي 4/ 85 و ما بعدها. المعارف لابن قتيبة ص 172.
[5] - نصر بن علي الجهضمي: هو نصر بن علي بن نصر بن
صهبان ابن أبيّ أبو عمرو الجهضمي البصري، ولد و نشأ في البصرة و عاش في بغداد،
فحدّت و افتى و وعظ. اتهم بميله للروافض، فأمر المتوكل بجلده، و لم يعف عنه إلا
بعد ان تبين له انه من اهل السنة. و يذكر عنه ان عين في القضاء بأمر من الخليفة
المستعين باللّه، لكنه توفي في يوم تعيينه و كان ذلك عام 250 ه. قارن عنه: