اعلم ان العقل وصف شريف و خلق عظيم لا يبطل حقا و لا يحق باطلا، و هو
عبارة عما يستفاد من التجارب بمجاري الاحوال. و قيل: هو العلم لجواز الجائزات و
استحالة المستحيلات، و من نتائجه الفكرة السليمة و النظر الثاقب في حقائق الامور و
مصالح التدبير.
و سئل (بعض الحكماء)[1] عن العقل
فقال:[2] الاصابة
بالنظر و معرفة ما لم يكن بما كان. (و قال ابن المعتز: العقل غريزة تربيها النوائب)[3].
و قال بعض الحكماء[4]: خير
مواهب الملك العقل، و شر مصائبه الجهل.
و كان يقال: الجاهل يعتمد على أمله[5]
و العاقل يعتمد على عمله[6]
و قيل: نظر العاقل بقلبه و خاطره، و نظر الجاهل بعينه و ناظره.
و قال[7][8] ابن المعتز[9]:
بأيدي العقل تمسك اعنة النفوس عن اتباع الهوى.
[4] - ينسب القول الى بعض البلغاء في ادب الدنيا و
الدين ص 19 و ورد بنصه:« خير المواهب العقل و شر المصائب الجهل». و في التمثيل و
المحاضرة للثعالبي ص 438 بنص:« لا مصيبة اعظم من الجهل».
[9] - ابن المعتز:( 247- 296 ه) هو عبد اللّه بن المعتز
بن المتوكل بن الرشيد بن المهدي يكنى أبا العباس، أخذ الشعر و الادب عن فصحاء
العرب، و التقى العلماء و النحويين و الاخباريين فصار متقدما في الادب و اللغة و
العلم، الف كتبا عديدة منها: كتاب أشعار الملوك، كتاب الآداب، و كتاب طبقات
الشعراء، و يذكر عنه انه بويع بالخلافة لمدة يوم واحد عام 296 ه و توفي في العام نفسه
عن عمر ناهز ثمانيا و اربعين سنة. قا: الفهرست لابن النديم ص 168- 69. تاريخ بغداد
10/ 95- 100. معجم الانساب لزامباور ص 3.