بقوله
تعالى وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ^ ظاهر
قطعاً في أنّ المراد من بِما أَنْزَلَ اللَّهُ^ هو ما يحكم به
القاضي من القصاص بالمثل مثلًا بعد تبيّن الموضوع، لا ما أنزل اللَّه تعالى في
كيفية ثبوت مورد النزاع، فأوجب اللَّه تعالى الحكم بين المترافعين بالواقعيات التي
أنزلها، فإذا تبيّن للقاضي موضوع المرافعة من طريق علمه كأن علم بأنّ ما يدّعيه
زيد من المال الذي في يد عمرو، هو ملك لزيد فهو عالم بأنّ ما أنزل اللَّه تعالى في
هذه الواقعة أنّ هذه العين ملك لزيد، فلو لم يحكم به لكان مشمول عموم قوله تعالى
فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.
و منه
يتبيّن المراد و كيفية الاستدلال بقوله تعالى وَ مَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ[1]، وَ مَنْ
لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ[2].
فالأحكام
الواقعية هي موضوع وجوب القضاء، و لا بدّ مع ذلك من العلم بثبوتها و ثبوت
موضوعاتها حتّى يجوز القضاء وضعاً و تكليفاً. و لذلك فقد عدّ من القضاة الذين في
النار