عالِمُ
الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ[1]، إلى غير
ذلك من الآيات المباركة.
فالشاهد
على شيء إنّما يصدق عليه هذا العنوان إذا كان حاضراً عنده، و الحضور الحقيقي
إنّما هو بأن يحضر بجسمه عنده و يحسّه بإحدى حواسّه، فإذا علم به بواسطة تواتر
الأخبار أو القرائن و الآثار من دون أن يحضره فلا يصدق عليه عنوان الشاهد و لا على
إخباره عنوان أداء الشهادة.
لكنّ
الحقّ: عدم اختصاص صدق عنوانه بخصوص موارد الحضور، بل استعملت مادّة الشهادة بلا
تأويل فيما لم يكن حضور جسماني أيضاً، كما في قوله تعالى وَ شَهِدَ
شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها[2]، و معلوم
أنّ الشاهد لم يكن حاضر مجلس القدّ، و قولنا: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه و أشهد
أنّ محمّداً رسول اللَّه، فلا دليل في مفهوم الشاهد إلّا أن يكون المشهود به
حاضراً و لو في اعتقاده. فالإخبار بما أحرزه و اعتقد به بطريق حجّة معتبرة يصدق
عليه عنوان الشهادة، و لو كان إحرازاً علمياً مع الواسطة، بل إحرازاً معتبراً غير
علمي.
و ربّما
يستدلّ بقوله تعالى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ[3] فإنّه تعالى نهى
عن اتّباع مطلق ما ليس لنا به علم و لو كان عليه طريق و حجّة معتبرة، فالشاهد إذا
استند في شهادته إلى غير العلم فقد اتّبع