يأتي
الرابع حدّت ثلاثتهم، و كان عليه السلام يخشى أن يكون أوّل الشهود مخافة أن ينكل
بعضهم فيحدّ هو عليه السلام»[1] فحيث إنّ
بناء حدّ القذف على هذه الوسعة فلا محالة يكون وجوب إكذاب القاذف نفسه عامّاً
للصادق منهم أيضاً. و قد عرفت ظهوره في وجوب نسبة نفسه إلى الكذب، فلا ينبغي
الإشكال في دلالة هذه الأخبار على جواز هذا الكذب، بل وجوبه للقاذف في مقام
التوبة. و بها تخصّص عموم أدلّة حرمة الكذب كما لا يخفى.
و أمّا
الدليل على جواز التورية مع ذلك: فهو استظهار أنّ المراد في الأدلّة من تكذيب
النفس هو حيثيته الإثباتية؛ بأن يظهر كلاماً يستفاد منه عرفاً التكذيب حتّى يذهب
أثر القذف و يذلّ به نفسه و يعود الأمر كما كان، و هذا الأمر كما يحصل مع عدم
التورية و هو أيضاً جائز و مصداق للواجب، فكذلك يحصل بالتورية أيضاً و هي أوفق
بالاحتياط.
(32) قد
عرفت أنّ مقتضى القاعدة في فاعل المعصية صغيرة أو كبيرة خروجه عن العدالة، و أنّ
عوده إليها بحيث يعمّه مثل صحيحة ابن أبي يعفور موقوف على أن يرجع إلى ما كان و
يستمرّ منه كفّ النفس عن المعاصي. لكنّ الأخبار الخاصّة التي مرّت قد علّقت قبول
شهادته على
[1] راجع وسائل الشيعة 28: 194، كتاب الحدود و
التعزيرات، أبواب حدّ القذف، الباب 12.