و من قبلهم
للفقيه (4) الجامع للشرائط الآتية، و لا يخفى أنّ خطره عظيم، و قد ورد «أنّ القاضي
على شفير جهنّم» و عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «يا شريح قد جلست
مجلساً لا يجلسه إلّا نبي أو وصي نبي أو شقي» و عن أبي عبد اللَّه عليه السلام:
«اتّقوا الحكومة فإنّ الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين
لنبي أو وصيّ نبيّ». و في رواية: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل اللَّه عزّ و جلّ
فقد كفر» و في اخرى: «لسان القاضي بين جمرتين من نار حتّى يقضي بين الناس، فإمّا
في الجنّة و إمّا في النار». و عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «القضاة أربعة:
ثلاثة في النار و واحد في الجنّة، رجل قضى بجور و هو يعلم فهو في النار، و رجل
قضى بجور و هو لا يعلم فهو في النار، و رجل قضى بالحقّ و هو لا يعلم فهو في
النار، و رجل قضى بالحقّ و هو يعلم فهو في الجنّة». و لو كان موقوفاً على الفتوى
يلحقه خطر الفتوى أيضاً، ففي الصحيح قال أبو جعفر عليه السلام: «من أفتى الناس
بغير علم و لا هدى من اللَّه لعنه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من
عمل بفتياه».
فيدلّ
الخبران على قوله مدّ ظلّه: «و من قِبلهم للفقيه الجامع للشرائط»؛ و ذلك لما عرفت
أنّ ثبوته لغير النبي لا يكون من اللَّه ابتداءً و بلا وساطة النبي، بل منصب
القضاء لا يكون لمن يكون إلّا بما أنّه وصي نبي و قائم مقامه يفعل وصاياه و يعمل
ما أمره، و لو كان القاضي إماماً من الأئمّة المعصومين، صلوات اللَّه عليهم
أجمعين.
(4) قد
عرفت: أنّ هذا المنصب لا يكون بعد النبي إلّا لأوصيائه،