و الترجيح
للموثّقة الأُولى؛ لكونها أشهر عملًا و أوثق سنداً؛ إذ ليس فيها من يتأمّل في
وثاقته، و إن قيل: إنّ غياث بن إبراهيم بتري، لكنّه على أيّ حال ثقة.
و هذا
بخلاف الثانية المشتملة على النوفلي، الذي وثاقته محلّ كلام، قال في «الجواهر»
مزجاً ب «الشرائع»: و في تسليمه إلى الغرماء ليستعملوه أو يؤاجروه يعني: أو إنظاره
روايتان؛ أشهرهما عملًا و أصحّهما سنداً و أكثرهما عدداً و أوفقهما بالأصل و
الكتاب روايةً، الإنظار، انتهى.
نعم، إذا
كان المديون ممّن يستنكف عن طلب المال بالتجارة و العمل و يسامح و يماطل في أداء
الدين، فالظاهر: أنّ مثله خارج عن موثّقة غياث؛ فإنّ الموثّقة إنّما تدلّ على
إيقاع تخلية السبيل على من يستفيد مالًا، و هو الذي يكون استفادة المال غاية و
غرضاً من تخلية سبيله.
و أمّا من
يستنكف عن الطلب و يفرّ من السجن إلى الكسل فلا يشمله الموثّقة، و يكون القاعدة
المقتضية لوجوب تحصيل المال بأيّ جهة ممكنة غير عسرة مقتضية لأن يدفع مثله إلى
الغرماء لكي يستعملوه أو يؤاجروه. و هذا هو الوجه لما أفاده دام ظلّه في المتن
بقوله: «نعم لو توقّف.» إلى آخره، فتدبّر.
إن قلت:
فلِمَ لا يجمع بين الموثّقتين جمعاً عرفياً؛ بحمل خبر السكوني على مورد امتناعه؛
لا سيّما و النسبة عموم و خصوص مطلق؛ لما مرّ من عدم شمول موثّق غياث لمورد
الاستنكاف و الامتناع؟