[الثالث: لو ورد
الخصوم مترتّبين بدأ الحاكم في سماع الدعوى بالأوّل فالأوّل]
الثالث:
لو ورد الخصوم مترتّبين بدأ الحاكم في سماع الدعوى بالأوّل فالأوّل (10) إلّا إذا
رضي المتقدّم تأخيره، من غير فرق بين الشريف و الوضيع و الذكر و الأُنثى.
(10) ادّعي
عليه الإجماع، و يدلّ عليه: أنّ كلّ محلّ و مورد أُعدّ لمراجعة الناس لتحصيل مصلحة
من مصالحهم فازدحم عليه أكثر من واحد مترتّباً، فالعقلاء يحكمون قطعاً بأنّ
للمتقدّم حقّ الانتفاع بهذا المحلّ و المورد قبل المتأخّر، و أنّه لو انتفع
المتأخّر قبله فقد تعدّى عليه و ظلمه.
فكما أنّهم
يرون لمن تصدّى لإحياء أرض ميتة فحجّرها و اشتغل بمقدّمات إحيائها حقّ التقدّم له
على غيره بحيث لو منعه الغير عن إحيائها و زاحمه فقد ظلمه و تعدّى عليه فهكذا يرون
لمن راجع دكّة قضاء القاضي لبيان دعواه و لحقه غيره يرون له حقّ التقدّم على غيره،
بحيث لو منعه الغير و زاحمه و تقدّم عليه فقد تعدّى عليه. كما أنّه لو قدّم القاضي
ذلك الغير و أصغى إلى دعواه قبل المتقدّم فقد تعدّى القاضي عليه و ظلمه.
و بالجملة:
يحكم العقلاء قطعاً بأنّ للمتقدّم حقّ بيان الدعوى قبل كلّ أحد، و بأنّ منعه عن
حقّه من غير رضاه ظلم عليه، و الظلم قبيح من كلّ أحد عقلًا و حرام شرعاً. فالعقلاء
يرون المورد من مصاديق حقّ المراجع، و لم يدلّ دليل على تخطئتهم؛ فأدلّة حرمة
الظلم تدلّ على حرمة منعه و عدم رعاية حقّه.
فالحاصل:
أنّ العقلاء كما يرون بعض الأُمور كالحيازة للمباحات-