للحكم في موارد
جزئية، فكيف بالفقيه الذي آراؤه مناط تشخيص أحكام الشرع المبين، و هو الواسطة بين
المعصوم و عامّة الناس في الحجّية؛ لقوله (عليه السّلام) «هم حجّتي على الناس، و
أنا حجّة اللَّه»[1]؟! و ممّا
اعتبرها الشارع فيه إمامة الجماعة، مع أنّه لا يتحمّل من المأمومين إلّا القراءة،
فكيف بمن يتحمّل منهم الأحكام الشرعية؟! بل نقول: إنّ الشرع قد اعتبر العدالة في
جميع المناصب الشرعية حتّى الشهادة التي هي أدنى المناصب الشرعية، و هي اعتبار
قوله في الأُمور العادية غير الشرعية، و كان الفاقد لها ساقطاً من بين الناس فكيف
بمنصب الفتوى الذي هو أعلى المناصب الشرعية، و هو مرتبة الحجّية الإلهية بين
المعصوم و عامّة الناس في الأحكام الشرعية؟! و أمّا استفادة اعتبار أزيد من
العدالة من فقرأت الحديث المعروف[2] كما يظهر من
المصنّف (قدّس سرّه) فنقول: يمكن أن يقال: إنّ المراد من قوله «صائناً لنفسه»
فإنّما أُريد به صيانة النفس عن المحرّمات. و كذا المراد من قوله «مخالفاً لهواه»
أُريد به مخالفة الهوى فيها أيضاً دون المباحات. و كذا المراد من قوله «مطيعاً
لأمر مولاه» أُريد به إطاعة أمر المولى فيما لم يأذن بتركه.
و إلّا فمن
المقطوع عدم اعتبار ترك المباحات فيما يطابق لهوى النفس؛ فإنّ كلّ مباح قد يكون
مطابقاً لهوى النفس؛ حتّى أكل خبز الشعير تشتهيه النفس عند شدّة الجوع، و شرب
الماء تشتهيه النفس عند شدّة العطش، فلا تظنّن أحداً يعتبر تركها.
(مسألة
4) قوله: يجوز العدول بعد تحقّق التقليد من الحيّ إلى الحيّ المساوي.
[1] وسائل الشيعة 27: 140،
كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 9.
[2] وسائل الشيعة 27: 131،
كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 10، الحديث 20.