لا يأخذه في اللّه لومة لائم، و لا يزيله عن الحقّ تهيّب
متهدّد، و لا يحيله عن الصّدق ترهّب متوعّد، فلم يزل كذلك حتّى أقشعت غيابة
الشّرك، و أخنع طيخ الإفك، و زالت قحم الإشراك، فبه تنسّمتم[2]
روح النّصفة، و قطعتم قسم السّوء[3] بعد أن كنتم لوكة الآكل، و
مذقة الشّارب، و قبسة العجلان، بسياسة مأمون الخرقة، مكتهل الحنكة، طبّ بأدوائكم،
قمن بدوائكم، مثقّفا لأودكم، كالئا لحوزتكم، حاميا لقاصيكم و دانيكم، يقتات
الجنبة، و يردّ الخميس[4]، و يلبس الهدم.
ثمّ إذا سبرت الرّجال[5]،
و طاح الوشيظ، و استسلم المشيح، و غمغمت الأصوات، و قلّصت الشّفاة، و قامت الحرب
على ساق، و خطر فنيقها، و هدرت شقاشقها، و جمعت قطريها، و سالت بإبراق، ألفي أمير
المؤمنين هنالك مثبتا لقطبها، مديرا لرحاها، قادحا بزندها[6]،
موريا لهبها، مذكيا جمرها، دلّافا إلى البهم، ضرّابا للقلل، غصّابا للمهج، ترّاكا
للسّلب، خوّاضا لغمرات الموت، مثكّل أمّهات، [مؤيّم أزواج][7]،
مؤتّم أطفال، مشتّت ألّاف، قطّاع أقران، طافيا عن الجولة، راكدا في الغمرة، يهتف
بأولاها، [فتنكف][8] أخراها، فتارة يطويها طيّ
الصّحيفة[9]، و آونة يفرّقها تفرّق
الوفرة، فبأيّ
[1] - في بعض النّسخ: و الزّعاف
المزعف. انظر ما سيأتي عن المصنّف في تفسير غريبه، و تعليقنا عليه.
[2] - كذا في م و ن، و الظّاهر
أنّه الصّواب، و في ط: الإشراك فيه حتّى تنسّمتم. و في سائر النّسخ: الإشراك فيه
تنسّمتم. و في مناقب الخوارزمي: الإشراك، حتّى تنسّمتم.
[3] - ض و ن و م: تطعّمتم قسم ...
أ و ع و ض و م: قسم السّواء. و في مناقب الخوارزمي: و تطعّمتم قسم السّواء.
[4] - كذا في النّسخ، و في مناقب
الخوارزمي: الخمس. و في محاسن الأزهار: يشرب الخمس.