خطاب للشيخ الكبير لأنّه أولى بالإقلاع
عن المعصية لقربه من الآخرة.و سؤاله عن حاله سؤاله تقريع و توبيخ على المعصية.و
أطواق النار المحسوسة ظاهرة، و أطواقها المعقولة تمكّن الهيئات البدنيّة من أعناق
النفوس،و أغلالها من سواعدها .
ثمّ أخذ في التحذير من اللّه لغاية
العمل بما يرضيه حال الصحّة و الفسحة قبل لحوق ضدّيهما. استعارة ثمّ في الأمر
بالسعى لغاية فكاك رقابهم من النار.قبل أن تغلق رهائنها بآثامها.و قد علمت وجه
الاستعارة هنا للرهن. كناية ثمّ في الأمر بالسهر ،و كنّى به عن قطع الليل بالعبادة
كقوله تعالى «وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً» 3و
إنّما خصّ الليل لأنّه مظنّة الخلوة باللّه و الفراغ من الناس،و لأنّ النهار محلّ
عبادة اخرى كالجهاد و الكدح للعيال.ثم بتضمير البطون ،و كنّى به عن صيام النهار.
ثمّ باستعمال أقدامهم ،و كنّى به عن
القيام في الصلاة.ثمّ بإنفاق أموالهم ،و كنّى به عن الصدقات و الزكوات في سبيل
اللّه .ثمّ بالأخذ من أجسادهم ،و كنّى به عن إذابتها بالصيام و القيام للصلوات و
إيثار القشف المستلزم للإعراض عن تربيته هذه الأجساد لاستلزام ذلك حبّ الدنيا و
الإقبال على لذّاتها.و لا شكّ أنّ الأخذ من الجسد بهذه العبادات جود على النفس
بملكات الخير و القرب من اللّه تعالى،و لذلك قال: فجودوا بها على أنفسكم و لا
تبخلوا بها عنها .و في ذكر أنّ إتعاب الجسد جود على النفس ترغيب فيه. استعارة ثمّ
استشهد بالآيتين على وعد اللّه بالنصر لمن نصره،و بمضاعفة الأجر لمن أقرضه بعد
أمره بنصر اللّه بامتثال أوامره و بقرضه بالصدقات، و وجه استعارة لفظ القرض كثرة
الأوامر الإلهيّة الطالبة للصدقات فاشبهت طلب
1) 43-35
2) 43-38.
3) 76-26.
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم جلد : 3 صفحه : 407