responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 159

أن يكون مصدرا سدّ مسدّ الحال.و نحوه قوله تعالى «وَ نَبْلُوكُمْ» بِاَلْخَيْرِ وَ ‌الشَّرِّ «فِتْنَةً وَ إِلَيْنٰا تُرْجَعُونَ» 1و لنبحث عن معنى الابتلاء بالدنيا و كونها فتنة.

و اعلم أنّه ليس المراد أنّ اللّه تعالى لا يعلم ما يؤول إليه أحوال العباد و ما يكون منهم بعد خلقهم و ابتلائهم بالدنيا فإنّه تعالى هو العالم بما كان و ما يكون قبل كونه كما قال تعالى «وَ مٰا مِنْ غٰائِبَةٍ فِي السَّمٰاءِ وَ الْأَرْضِ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ» 2»و قوله تعالى «مٰا أَصٰابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهٰا إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ يَسِيرٌ» 3بل الكشف عن حقيقة الابتلاء أنّه لمّا كان الإنسان إنّما يكون إنسانا بما خلق فيه من القوى الشهويّة و الغضبيّة و ما يتبعهما،و كان لهذه القوى ميول طبيعيّة إلى حاضر اللذّات الدنيويّة فهى مسشتهياتها و لا ابتهاج لها إلاّ بها و لا حظّ لها من غيرها،و كانت النفوس الإنسانيّة مخالطة لهذه القوى و هى آلاتها،و لا وجه لها في تصرّفاتها غالب الأحوال إلاّ هى،و كانت تلك القوى في أكثر الخلق جاذبة لنفوسها إلى مسشتهياتها الطبيعيّة بالطبع،و كانت تلك النفوس في أكثر الناس منقادة لقواها معرضة عن الآخرة مشغولة بحاضر ما وجدته من لذّات الدنيا عن تصوّر ما ورائها.ثمّ مع ذلك كان المطلوب منها ما يضادّ ذلك و هو ترك حاضر الدنيا،و منازعة هذه القوى في مسشتهياتها، و جذبها عن التوجّه بكليّتها إليها لمتابعة النفس في التفاتها عن ذلك إلى أمر لا يتصوّر في الدنيا إلاّ بالأوصاف الخياليّة كما هو وظيفة الأنبياء عليهم السّلام مع الخلق كانت إرادته تعالى لذلك الالتفات مع ما هم فيه من منازعة الهوى فإن أطاعوه هلكوا و إن عصوه نجوا صورة امتحان.فاشبه ذلك ما يعتمده أحدنا عند عبده إذا أراد مثلا اختبار صبره و محنته له فوهب له جميع ما يشتهيه ثمّ كلّفه مع ذلك بتكاليف شاقّة لا يتمكّن من فعلها إلاّ بالتفاته عن مشتهاه و تنغيصه عليه.فلا جرم صدقت صورة الابتلاء و الاختبار من اللّه في الوجود، و كذلك ظهر معنى كونها فتنة.فإنّ الفتنة الامتحان و الاختبار.و إنّ قدّرناها حالا فهى بمعنى الضلال و يعود إلى جذبها للنفوس إلى حاضر لذّاتها عن سنن الحقّ.

الرابع :كونهم ما أخذوه منها اخرجوا منه و حوسبوا عليه .و هو تنبيه على

1) 21-36

2) 27-77

3) 57-22

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست