responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 160

وجوب قصد الآخرة بما يؤخذ من الدنيا و يتصرّف فيه،و تنفير أن يجعل المأخوذ منها لمجرّد التمتّع بها بذكر وصفين:أحدهما:وجوب مفارقة المأخوذ منها و الإخراج منه، و الثاني:الحساب عليه في الآخرة.

و اعلم أن الحساب على رأى الملّيّين ظاهر،قالوا:إنّ اللّه تعالى قادر على حساب الخلق دفعة واحدة و لا يشغله كلام عن كلام كما قال: «وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسٰابِ» .أمّا الحكماء فقالوا:إنّ للحساب معنى،و تقريره بتقديم مقدّمات.

الاولى أنّ كثرة الأفعال و تكرّرها يوجب حدوث الملكات في النفوس،و الاستقراء التامّ يكشف عن ذلك،و من كان مواظبته على عمل من الأعمال أكثر كان رسوخ تلك الملكة الصادرة عن ذلك الفعل في نفسه أقوى.

الثانية:أنّه لمّا كان تكرّر العمل يوجب حصول الملكة وجب أن يكون لكلّ عمل يفعله الإنسان أثر في حصول تلك الملكة بل يجب أن يكون لكلّ جزء من أجزاء العمل الواحد أثر في حصول لها بوجه ما و ضربوا لذلك مثالا فقالوا:لو فرضنا سفينة عظيمة بحيث لو القى فيها مائة ألف منّ فإنّها تغوص في الماء قدر شبر واحد و لو لم يكن فيها إلا حبّة واحدة من الحنطة فذلك القدر من الجسم الخفيف فيها يوجب غوصها في الماء بمقدار ماله من الثقل و إن بلغ في القلّة إلى حيث لا يدركه الحسّ.إذا عرفت ذلك فنقول:

ما من فعل من الخير و الشر قليل و لا كثير إلاّ و يفيد حصول أثر في النفس إمّا سعادة أو شقاوة.و عند هذا ينكشف سرّ قوله تعالى «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» و كذلك لمّا ثبت أنّ الأفعال إنّما تصدر بواسطة الجوارح من اليد و الرجل و غيرهما لا جرم كانت الأيدى و الأرجل شاهدة على الإنسان يوم القيامة بلسان حالها على معنى أنّ تلك الآثار النفسانيّة إنّما حصلت في جواهر النفوس بواسطة الأفعال الصادرة عنها فكان صدور تلك الأفعال من تلك الجوارح جاريا مجرى الشهادة على النفس بما اكتسبه بها.إذا عرفت ذلك فنقول:لمّا كانت حقيقة المحاسبة تعود إلى تعريف الإنسان ماله و ما عليه من مال و نحوه.و كان ما يحصل من النفوس من الملكات الخيريّة و الشرّيّة امورا مضبوطة في جوهرها محصاة عليها و إنّما تنكشف لها كثرة تلك الهيئات و تمكّنها

نام کتاب : شرح نهج البلاغه ابن ميثم نویسنده : البحراني، ابن ميثم    جلد : 2  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست