أما الوجه
الثاني فيرد عليه: بأنّ غاية ما يلزم من زيادة اطلاع الجارح حصول الظنّ الأقوى
بقول الجارح. و لكن لا دليل على حجية مثل هذا الظن، إلّا أن يقال بكون حجية أقوال
الرجاليين من باب مطلق الظن، و لم نَقُل بذلك.
و
أمّا الوجه الثالث: ففيه أنه يُمنع كون قول الجارح نصاً في الفسق بمجرد ذكر
المعصية فيما إذا ذكر سبب الجرح. و ذلك لامكان تقدم زمان صدور المعصية عن زمان
عدالته. حيث لا محيص حينئذٍ عن احتمال تعقب المعصية بالرجوع و التوبة. و إنّما
يُنفى ذلك بالأصل. و عليه فالجرح إذا ذُكِر سببه من دون تعيين التاريخ ظاهرٌ في
الفسق. فلا يكون الجرح مطلقاً نصاً فيالفسق فضلًا عمّا إذا لميذكر سببه. فلا
يكون الجرح مطلقاً نصاً في الفسق؛ حيث إنّه لا دافع للاحتمال المزبور، إلّا إذا
ذكر سبب الجرح و عُيِّن تاريخه، بعد زمان التعديل.
ثم
إنّه يتصور للتعارض هنا صور. و ذلك لأن كلًاّ من الجرحوالتعديل إما أن يذكرله
سببٌ أملا. و علىالأول إمّا أن يكون تاريخ أحدهما متأخّراً عنالاخر أو متحدين
في الزمان.
فهنا
خمس صور:
الاولى:
ما إذا كان تاريخ سبب الجرح متأخّراً عن سبب التعديل. فلا إشكال في تقديم الجرح
حينئذٍ. كأن يقول المعدّل؛ رأيته يوم الأربعاء يصلّي و يبكي و يتوب، و يقول
الجارح: يوم الخميس ضرب أباه أو كذب في كلامه مثلًا.
الثانية: ما
إذا تأخّر سبب التعديل عن سبب الجرح، فيقدّم التعديل إذا كان سببه ممّا يزول به
الفسق، كالرجوع عن الذنب و الاستغفار و التوبة و