ثالثها:
أنّ التعديل، و إن كان مستنداً إلى الحس أو ما يوجب الوثوق في إثبات ملكة العدالة،
إلّا أنّه من حيث نفي المعصية مستندٌ إلى الأصل النافي.
و
أما الجرح فهو مثبت للمعصية؛ إمّا باستناد الحس، أو ما يوجب الوثوق النوعي. و إنّ
الاثبات المستند إلى خبر العدل الحسّي أو ما يفيد الوثوق العقلائي، مقدَّم على
النفي المستند إلى الأصل.
و
بعبارة اخرى: إنّ كلًاّ من المعدِّل و الجارح مُثبِت من جهة و نافٍ من جهة
اخرىفالمعدل مثبت من جهة ثبوت ملكة العدالة، و ناف من جهة صدور المعصية؛ اتكالًا
على الأصل النافيو الجارح مثبت من حيث صدور المعصية بالتنصيص، و نافٍ من حيث
تعقبه بالتوبة بالأصلفاثبات الجارح نصٌّ في المعصية و الفسق، و أما قول المعدل
ظاهرٌ في نفي الفسق. و لا ريب في تقديم النص على الظاهر.
و
يمكن رد الوجه الأوّل: بعدم دليل على لزوم الجمع بين المعدل و الجارح على الوجه
الذي ذكره في المعالم. و أمّا ما اشتهر في الألسنة من كون الجمع مهما أمكن أولى
منالطرح، إنما هو في تعارض الروايات، لا أقوال الرجاليين.
فانّ
هذه القاعدة و إن كانت عقلائية، إلّاأنّها من الاصول اللفظية التي يرجع إليها
العقلاء فيتشخيص مراداتالمتكلّمين و فهم ظهوراتالألفاظ. و ليسالمقام من هذا
القبيل لوضوح مدلول كلام كلٍّ منالجارح و المعدل و عدم خفاءٍ في ظهور كلٍّ من
الجرح و التعديل، فلا مجال للجمع الدلالي، مع أنّ تقديم الجرح أيضاً يوجب تفسيق من
عدّله المعدِّل؛ حيث إنّ لازمه تخطئة المعدّل و تكذيبه؛ لوضوح أنّ تفسيق شخصٍ في
قوّة تكذيبه في التعديل.