و يمكن
الجواب عن ذلك بأنّها تدلّ على جواز التقية فيما دون الكفر بالأولوية و الفحوى
القطعي.
و
ذلك لأنّ الكفر و الشرك من أعظم الذنوب، كما دلّ عليه قوله: إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ[1] و
قد دلّ على هذا المعنى نصوص كثيرة. و عليه فاذا جازت التقية في أعظم الذنوب تجوز
فيما دونه بالأولوية و الفحوى.
هذا،
مضافا إلى دلالة النصوص المفسّرة على هذا التعميم، كما سبق ذكر بعضها آنفا.
الثانية:
أنّها وردت في مورد الإكراه بدلالة قوله: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ و
من الواضح أنه غير متحقّق في غالب موارد التقيّة. و عليه فهذه الآية أخصّ موردا من
التقية.
و
اجيب عن ذلك بأنّ الإكراه لا يتحقّق إلّا في مورد الخوف من الضرر على النفس أو
العرض أو المال، و أنّ التقية في مورد الإكراه لا تكون إلّا لغرض دفع الضرر فهو
مشترك الملاك مع ساير موارد التقية.
و
فيه: أنّ عنوان الإكراه اخذ في موضوع الحكم في الآية، و لا يصحّ التعدّي عنه إلّا
بتنقيح الملاك، و هو مشكل؛ لاحتمال الخصوصية في الإكراه؛ حيث إنّ مورد هذه الآية
هو الإكراه على إظهار الكفر، كما قال عليّ بن إبراهيم في تفسيره و يشهد له النصوص.
مثل
صحيح محمّد بن مروان قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام: «ما منع ميثم رحمه
اللّه من التقية؟! فو اللّه لقد علم أنّ هذه الآية نزلت في عمّار و أصحابه:
إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ».[2]
و
صحيح عمر بن مروان، قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله: رفع عن أمّتي أربع خصال: خطاؤها و نسيانها و ما أكرهوا
عليه و ما لم يطيقوا. و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ:
رَبَّنا
لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا
إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا