لا
ريب في حرمة المداهنة، و هو المرافقة مع الكفار و الطواغيت و الفجّار و المعاشرة
معهم بلين و تكريم و تعظيم لجلب المنافع المادية و نيل المطامع الدنيوية. و هذا
غير التقية؛ نظرا إلى ابتناء أساس تشريعها على حفظ الدين عن التفرقة و الاضمحلال،
و حفظ النفس عن الخطر و الضرر المخوف، فلا ينبغي الخلط بينهما.
و
لقد أجاد الشهيد الأوّل في بيان الفرق بينهما حيث قال: «المداهنة في قوله تعالى:
وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ[1]
معصية، و التقية غير معصية.
و
الفرق بينهما: أنّ الأوّل تعظيم غير المستحق، لاجتلاب نفعه، أو لتحصيل صداقته، كمن
يثني على ظالم بسبب ظلمه، و يصوّره بصورة العدل، أو مبتدع على بدعته، و يصورها
بصورة الحق.
و
التقية: مجاملة الناس بما يعرفون، و ترك ما ينكرون؛ حذرا من غوائلهم، كما أشار
إليه أمير المؤمنين عليه السّلام.[2]
و
موردها غالبا الطاعة و المعصية فمجاملة الظالم فيما يعتقده ظلما،