لا
ريب في مشروعية التقية مع الخوف الشخصي؛ لأنّه المتيقّن من النصوص. و أمّا الخوف
النوعي بمعنى ما يخاف عليه نوع الناس و غالبهم، و إن لم يخف المتّقي لشدّة شجاعته.
فإطلاق نصوص تشريع التقية يقتضي مشروعيتها معه. و ذلك لأنّ احتمال الضرر و الخطر
الّذي شرّعت التقية لأجلها يصير عقلائيا بحصول الخوف لغالب الناس. و هذا يكفي
لتحقّق موضوع حكم التقية.
و
أمّا قوله عليه السّلام: «و ذلك إذا لم تخف على نفسك و لا على أصحابك» في رواية
أعمش و إن كان ظاهر المخاطبة في قوله: «لم تخف» اعتبار الخوف الشخصي بضميمة مفهوم
الشرط، إلّا أنّه محمول على الغالب؛ إذ الخوف النوعي حاصل في غالب موارد الخوف
الشخصي، هذا مضافا إلى إطلاق كلامه عليه السّلام: «و استعمال التقية في دار التقية
واجب» في ذيل هذا الحديث؛[1] حيث إنّه
قد لا يحصل الخوف الشخصى للشجعان في دار الحرب، و لكن إطلاق الرواية يشمله.
و
لقد أجاد الشيخ الأعظم الأنصاري في ذلك؛ حيث قال: «إنّه لا ريب في تحقّق التقيّة
مع الخوف الشخصي؛ بأن يخاف على نفسه أو غيره من ترك التقية في خصوص ذلك العمل. و
لا يبعد أن يكتفى بالخوف من بنائه على ترك التقية في سائر أعماله أو بناء سائر
الشيعة على تركها في العمل الخاصّ أو مطلق العمل النوعي في بلاد المخالفين، و إن
لم يحصل للشخص بالخصوص خوف، و هو الّذي يفهم من إطلاق أوامر التقية و ما ورد من
الاهتمام فيها.
و
يؤيّده- بل يدلّ عليه- إطلاق قوله عليه السّلام: «ليس منّا[2]
من لم يجعل التقية[3] شعاره
[1] وسائل الشيعة: ج 11 ب 24 من ابواب الأمر بالمعروف،
ح 21.
[2] في وسائل الشيعة: عليكم بالتقية، فانه ليس منا ...