و لكنّ
الشيخ الأعظم عبّر بالتحفّظ عن ضرر الغير. و التعبير بالتحفّظ جامع للكتمان و
إظهار الموافقة، و إن يمكن القول بشمول الكتمان للمعنيين بضرب من التأويل؛ لأنّ
بإظهار الموافقة أيضا يتحقّق كتمان الحقّ و ستر الاعتقاد.
فترى
الشيخ الأعظم اتّكل في تعريفها على عناصر ثلاثة:
الأوّل:
موافقة الغير و هو أعمّ من الترك، كترك وضع الجبهة على التراب و ترك الصلاة على آل
محمّد أو الشهادة بالولاية في الأذان و الإقامة. و من الفعل كالتكتّف و نحوه، و إن
يتحقّق الكتمان بالفعل أيضا؛ لأنّ بنفس الفعل الموافق لهم يستتر المذهب، فهو في
الحقيقة أعمّ منه و من الترك، فلا يختصّ بالترك كما يظهر من كلام المفيد.
الثاني:
مخالفة الحقّ، و هو مذهب الامامية الاثني عشرية. هذا القيد جاء في كلام المفيد،
دون الشهيد (قدس سرهما).
الثالث:
كونها لغرض تحفّظ النفس عن ضرر الغير، فإنّ لفظ التحفّظ و إن كان أعم من تحفّظ
النفس، إلّا أنّه بقرينة قوله: «عن ضرر الغير» منصرف إليه.
و
أمّا النقطة المشتركة بين هذه التعاريف عدم اختصاص شخص المتّقى منه بكونه من
المخالفين.
مقتضى
التحقيق في المقام
و
الّذي يقتضيه التحقيق في تعريف التقية اعتبار امور فيه؛ ليتمّ طردا و عكسا و يكمل
من حيث الجامعية أو المانعية.
منها:
كتمان الحقّ، و هو إمّا بالموافقة بإتيان فعل موافق لهم، أو بعدم المخالفة بترك فعل
حقّ مخالف لهم.
منها:
ما يتحقّق به الحفظ و الأمن من الضرر و الخطر. سواء كان فعلا أو تركا؛ و إن شئت
فقل: كلّ ما يتحقق به إراءة الموافقة الموجبة للأمن من ضرر العدوّ.