قوله
عليه السّلام: «و لكن بصيانته و كتمانه عن غير أهله» ظاهر في مورد الخوف من ضياع
المذهب و وهنه بترك التقية. و هذه الفقرة تعطي الظهور لقوله: «اجترّ مودّة الناس
...» في أنّ المقصود من جرّ المودّة ما إذا كان موجبا لصيانة المذهب من خطر الضياع
و الوهن و ضرر الصدمة و التضعيف.
و
عليه فدعوى ظهور الذيل في مشروعية التقية لمجرّد جرّ المودة من دون اعتبار خوف ضعف
و وهن على المذهب، في غير محلّها.
و
نظيره ما رواه الكليني عن عبد الأعلى قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:
إنّه ليس احتمال أمرنا التصديق له و القبول فقط. من احتمال أمرنا ستره و صيانته عن
غير أهله.
فأقرئهم
السلام، و قل لهم: رحم اللّه عبدا اجترّ مودّة الناس إلينا. حدّثوهم بما يعرفون، و
استروا عنهم ما ينكرون».[2]
و
قال الشيخ الأعظم في تعريفه الاصطلاحي: «و المراد هنا: التحفّظ عن ضرر الغير
بموافقته في قول أو فعل مخالف للحقّ».[3]
هذه
كلمات بعض الأصحاب في تعريف التقية، و يمتاز بعضها عن بعضها الآخر بخصوصية.
فتعريف
الشيخ المفيد يشتمل على خصوصية، و هي: كتمان الحقّ و ستره فيما إذا كان إظهاره
مستتبعا لضرر ديني أو دنيوي.
و
لكنّ الشهيد عمّم التعريف إلى مجاملة العامّة بما يعرفون؛ أي يعتقدونه.
و
المجاملة هي الموافقة و من مقولة الإظهار، لا الترك، و من هنا عطفه بقوله و ترك ما
ينكرون تعميما لهما.
[1] مستدرك وسائل الشيعة: ج 12 ب 30 من ابواب الأمر و
النهي، ح 8.
[2] وسائل الشيعة: ج 11 ب 32 من الأمر و النهي، ح 5.