و قد أمر
الصادقون عليهم السّلام جماعة من أشياعهم بالكفّ و الإمساك عن إظهار الحقّ، و
المباطنة و الستر له عن أعداء الدين، و المظاهرة لهم بما يزيل الريب عنهم في
خلافهم. و كان ذلك هو الأصلح لهم، و أمروا طائفة اخرى من شيعتهم بمكالمة الخصوم و
مظاهرتهم و دعائهم إلى الحقّ، لعلمهم بأنّه لا ضرر عليهم في ذلك. فالتقية تجب بحسب
ما ذكرناه، و يسقط فرضها في مواضع أخرى، على ما قدّمناه. و أبو جعفر[1]
أجمل القول في هذا و لم يفصّله- على ما بيّنّاه-،
[1] و هو الشيخ الصدوق قدّس سرّه فانه قال في
اعتقاداته:« قال الشيخ( و المقصود من الشيخ، هو الشيخ الصدوق مصنّف هذا الكتاب):
اعتقادنا في التقية أنّها واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة.
و قيل للصادق عليه السّلام: يا
ابن رسول اللّه، انّا نرى في المسجد رجلا يعلن بسبب أعدائكم و يسمّيهم، فقال:
ماله- لعنة اللّه- يعرض بنا.
و قال اللّه تعالى: وَ لا
تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً
بِغَيْرِ عِلْمٍ.( الأنعام:
108).
قال الصادق عليه السّلام: في
تفسير هذه الآية: لا تسبّوهم فإنّهم يسبّون عليكم.
و قال عليه السّلام: من سبّ ولي
اللّه فقد سبّ اللّه.
و قال النبي صلّى اللّه عليه و
آله لعلي: من سبّك- يا عليّ- فقد سبّني، و من سبّني فقد سبّ اللّه تعالى.( راجع
عيون أخبار الرضا: ج 2، ص 67، ح 308).
و التقية واجبة لا يجوز رفعها إلى
أن يخرج القائم عليه السّلام، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين اللّه و دين
الإمامية و خالف اللّه و رسوله و الأئمّة.
و سئل الصادق عن قول اللّه عز و
جل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ قال:
أعملكم بالتقية.( رواه مسندا الطوسي في أماليه: ج 2، ص 274 و الحجرات: 13).
و قد أطلق اللّه تبارك و تعالى
إظهار موالاة الكافرين في حال التقية.
و قال تعالى: لا
يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَ
مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا
مِنْهُمْ تُقاةً( آل عمران: 28).
و قال الصادق عليه السّلام: إنّي
لأسمع الرجل في المسجد و هو يشتمني فأستر منه بالسارية كي لا يراني.( رواه مسندا
البرقي في المحاسن: ص 260).
و قال صلّى اللّه عليه و آله:
خالطوا الناس بالبرّانية، و خالفوهم بالجوّانية، ما دامت الإمرة صبيانيّة.(
الكافي:
ج 2، ص 175، باب التقية، ح 20).
و قال عليه السّلام: الرياء مع
المؤمن شرك، و مع المنافق في داره عبادة.( الهداية: ص 10).
قال عليّ عليه السّلام: من صلّى
معهم في الصف الأوّل، فكأنّما صلّى مع رسول اللّه في الصفّ الأوّل.
( الفقيه: ج 1، ص 250، باب
الجماعة و فضلها ح 1126).
و قال عليه السّلام: عودوا
مرضاهم، و اشهدوا جنائزهم، و صلّوا في مساجدهم.( الكافي: ج 2، ص 174، ح 1).
و قال عليه السّلام: كونوا لنا
زينا، و لا تكونوا علينا شينا.( أمالى الطوسي: ج 2، ص 55).
و قال عليه السّلام: رحم اللّه
عبدا حبّبنا إلى الناس، و لم يبغّضنا إليهم.( فضائل الشيعة: ص 102، ح 39)
و ذكر القصاصون عند الصادق، فقال
عليه السّلام: لعنهم اللّه يشنّعون علينا.
و سئل عليه السّلام عن القصّاص، أ
يحل الاستماع لهم؟ فقال: لا.
و قال عليه السلام: من أصغى إلى
ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن اللّه فقد عبد اللّه و إن كان الناطق عن إبليس
فقد عبد إبليس.( عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 304، ح 63).
و سئل الصادق عن قول اللّه عز و
جل: الشعراء يتّبعهم الغاوون قال: هم القصّاص.
و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و
آله: من أتى ذا بدعة فوقّره فقد سعى في هدم الإسلام.( الفقيه: ج 3، ص 375) و
اعتقادنا فيمن خالفنا في شيء من امور الدين كاعتقادنا فيمن خالفنا في جميع امور
الدين.
اعتقادات الصدوق/ المطبوع في ضمن
مصنفات الشيخ المفيد: ج 5، ص 107- 110.