و مقتضى
التحقيق جريان قاعدة التقية و إجزائها في المعاملات بعد ارتفاع موجبها أيضا، كما
هو المشهور.
و
عليه فما قد يتوهّم من اختصاص هذه القاعدة بالعبادات؛ نظرا إلى كثرة ما ورد من
النصوص الدالّة عليها في أبواب العبادات، غير وجيه؛ حيث تشمل عمومات التقية و إطلاقاتها
للمعاملات أيضا، بلا قصور و لا إجمال.
لا
إشكال في جريان التقية في المعاملات و ترتّب آثارها- من الصحّة و جواز التصرّف لمن
انتقل إليه المال بإنشاء المعاملة وفقا لمذهب العامّة عن تقية، و إن خالف بعض ما
يعتبر عند الخاصّة من الشرائط و القيود-، لكنّه ما دامت شرائط التقيّة باقية.
و
أمّا إذا ارتفعت شرائط التقية وقع الكلام في بقاء آثار التقية، من صحّة المعاملة
الواقعة عن تقية و دوام الملكية و الزوجية و جواز التصرّف في المنتقل إليه، فخالف
ذلك جماعة من الفقهاء فقالوا بعدم بقاء آثارها بعد ارتفاع موجبات التقية و
شرائطها؛ نظرا إلى انتفاء المسبّب بعد ارتفاع السبب. كما سيأتي بيان ذلك من
المحقّق الخوئي و غيره.
و
لكن اختار جماعة آخرون استمرار آثارها و حكموا ببقاء الصحّة و الملكية و الزوجية،
حتّى بعد ارتفاع شرائط التقيّة إذا كانت المعاملة انشئت حال حصولها، كما سيأتي بيان
وجهه من السيّد الإمام الراحل قدّس سرّه. و هذه النظرية هي رأي مشهور الفقهاء، بل
في الحدائق نفي الخلاف عن إجزاء التقية في المعاملات بعد ارتفاعها. و سيأتي نصّ
كلامه.
و
تترتّب على هذه القاعدة فروع كثيرة في مختلف أبواب الفقه، و لا سيّما العباديات. و
هذه الفروع رغم كثرتها، مغفول عنها بين المؤمنين و المتديّنين، و هي أكثر من أن
تحصى، و منبثّة في جميع أبواب العبادات و المعاملات