يمكن ثبوت
الامتنان في حقّ الكافر، و لكن لا يشمل المخالف المسلم الّذي آمن باللّه تعالى و
النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و المعاد؟
و
هل هذا التبعيض في الامتنان من جانب الشارع يلائم عدالة ذاته المقدّسة المنزّهة من
أيّ نقص؟
و
الّذي يمكن أن يقال في الجواب عن هذا الإشكال، أنّ المسلم لمّا دخل في الإسلام
باختياره و اعتقد اصوله و فروعه و التزم بأحكامه، صارت قوانين الإسلام و أحكامه
التكليفية و الوضعية في حقّه منجّزا قطعيا، فهو ملزم على إجرائها و معاقب على
تركها.
و
هذا بخلاف الكافر الّذي لم ينتحل إلى الإسلام بعد و لم يختره، حتّى تتنجّز عليه
أحكامه و يلزم بإجرائها. فمن هنا لا يلزم الكافر الذمّي على إجراء أحكام الإسلام،
حتّى بناء على تكليف الكفّار بالفروع.
و
السرّ في ذلك أنّ من التزم و تعهّد بقانون أو نظام سياسي أو ثقافي أو عسكري
باختياره، يكون ملزما برعاية ذلك القانون و النظام الّذي التزم بإجرائه و رعايته.
و ذلك مثل اللاجئ السياسي إلى مملكة، فإنّه بنفس اللجوء لمّا صار ملتزما برعاية
قانون تلك المملكة، يكون في سيرة العقلاء ملزما برعاية قوانينها و يعاقب على نقضها
و التخلّف عنها. و كذا من دخل في مؤسسة ثقافية أو دائرة عسكرية و صار عضوا لها. و
هذا بخلاف غيره ممّن لم يلتزم بذلك.