و أمّا
معارضة هذه القاعدة مع قاعدة لا حرج فيمكن تصويرها فيما صدر من الكافر في حال
كفره، من تعلية البناء الموجبة لوقوع الجار في المشقّة و الحرج، أو إحداث معمل أو
اصطبل للحيوانات أو مزارب الدجاج و حقل الدواجن في المحلّ المسكوني، فصار موجبا
لوقوع الجوار و سكنة المحلّ في الحرج؛ إمّا لشدّة ارتفاع صوت، أو غلظة الدخان
المتصاعد منه أو الرائحة الكريمة الموذية. و لكن لا تعارض بين قاعدة نفي الحرج و
قاعدة الجبّ. و ذلك لأنّ الحرج لا يخلو إمّا كان متحقّقا سابقا بسبب ما أحدثه حال
كفره، أو يكون مستمرّا بعد إسلامه. فعلى الأوّل ارتفع الحرج و انقطع و لم يبق منه
أثر وضعي حتّى ترفعه القاعدة إلّا عقوبة إيذاء المؤمنين المنوط ارتفاعها بالتوبة.
و على الثاني لا ترتفع حرمتها بقاعدة الجبّ؛ لأنّه بعد الإسلام لا قبله.