لا
ريب في أهميّة شعائر اللّه و المقدّسات الدينية و محترمات الشريعة و المذهب- الّتي
بها قوام الشريعة و دوام المذهب- في نظر الشارع؛ بحيث لا يرضى بهتكها و إهانتها
بأيّ وجه من الوجوه. و قد سبق البحث عن هذه القاعدة تفصيلا في الجزء الأوّل من
كتابنا «مباني الفقه الفعّال».
و
يتّضح من ضوء هذا البيان تقدّم قاعدة حرمة إهانة المحترمات على قاعدة الجبّ، فيما
إذا كان رفع الأحكام و الآثار الوضعية موجبا لإهانة محترمات الشريعة و مقدّسات
المذهب و هتك شعائر اللّه تعالى. و إن كان تصوير صغرى هذا التعارض مشكل بعد ما كان
رفع التعزير و العقاب عنه ببركة الإسلام.
معارضتها
مع قاعدة العدل و الإنصاف
قد
تقدّم البحث مفصّلا عن مفاد قاعدة العدل و الإنصاف في الجزء الأوّل من كتابنا
«مباني الفقه الفعّال» فراجع هناك.
و
إجمال الكلام هاهنا أنّه لو وقعت المعارضة بين هاتين القاعدتين لا ريب في تقديم
قاعدة العدل و الإنصاف لاستقلال العقل بها، مضافا إلى أنّ مصبّ جريانها حقوق الناس
و قد تقدّم آنفا وجه انصراف قاعدة الجبّ عنها.
و
تصوير التعارض بأن اشتبه مال بين كافر ذمّي و مسلم و تردّد بينهما.
فمقتضى
قاعدة العدل و الإنصاف تنصيف ذلك المال بينهما.
و
لكن لا تعارض بين القاعدتين. و ذلك لأنّ مفاد قاعدة العدل و الإنصاف ثابت بدليل
بناء العقلاء و سيرتهم القطعية في مواردها. و ما ورد من النصوص الدالّة على
مفادها- كالواردة منها في الدرهم الودعي- إرشاد إلى السيرة العقلائية كما بيّنّا
ذلك مفصّلا في المجلّد الأوّل من كتابنا «مباني الفقه الفعّال».