يخطر
بالبال بدوا تعارض قاعدة تكليف الكفّار بالفروع، مع هذه القاعدة، بناء على رأي
المشهور من أنّ الكفّار مكلّفون بالفروع؛ لأنّ مقتضى ذلك أخذهم بما صدر عنهم من
المعاصي و ترتيب آثارها التكليفية و الوضعية، من وجوب الإعادة و قضاء العبادات و
أداء الضمانات و إجراء الحدود و الأحكام الجزائية المالية و غيرها.
و
لكن قاعدة الجبّ تصرّح برفع ذلك كلّه.
و
مقتضى الصناعة تقديم قاعدة الجبّ؛ و ذلك لظهورها في رفع الأحكام و الآثار
التكليفية و الوضعية، و إنّ الرفع فرع الثبوت. ففي الحقيقة لا تعارض بينها و بين
قاعدة تكليف الكفّار بالفروع.
و
أمّا بناء على المختار من عدم تكليفهم بالفروع لا ملزم لنا لحمل مورد هذه القاعدة
على حقوق الناس و الحدود و الجزائيات الثابتة في مذهب الكافر؛ لزعم أنّه بعد
البناء على عدم كونهم مكلّفين بأحكام الإسلام حال الكفر، لا معنى لجبّ الآثار
الناشئة من عصيان التكليف بالفروع. و ذلك لأنّه بناء على هذا الأساس أيضا يمكن
أخذهم بالفروع الثابتة في الإسلام؛ لأجل كفرهم و عدم قبول الإسلام عنادا، لا لأجل
تكليفهم بالفروع مع قطع النظر عن تكليفهم بأصل الإسلام ثمّ بالفروع بتبعه. و بناء
على هذا الأساس نقول: إنّ تشرّفهم بالإسلام يرفع عنهم ما كان عليهم من التكاليف
الفرعية المبتنية على الإسلام.
بمعنى
أنّهم لا يؤاخذون بها بعد الإسلام لأجل عدم قبولهم الإسلام حال الكفر ليكلّفوا
بالفروع. و عليه فلا تنافي بين هذه القاعدة و بين المبنى المختار.
هذا
كلّه بلحاظ العذاب و العقاب الأخروى. و لكن لمّا لا نظر لقاعدة الجبّ إلى ذلك فهو
خارج عن مصبّ هذه القاعدة.
و
إنّما يرتبط بهذه القاعدة خصوص الآثار الظاهرية من الإعادة و القضاء و الحدود و
التعزيرات و الديات.