و نظير هذه
الشبهة يأتي في الأحكام الوضعية الثابتة في حقّ المسلم و عدم ارتفاعها بالتوبة و
لكنّها ترتفع عن الكافر المنتحل إلى الإسلام بقاعدة الجبّ، مع أنّ المسلم أولى
بالإرفاق و الترحّم و التسهيل.
و
الجواب: أنّ بناء العقلاء و سيرتهم قد جرت على أخذ أهل كلّ دين بأحكامه، بل أخذ
أهل كلّ دولة و مملكة و حكومة بقوانين تلك الحكومة و المملكة، بل هذه السيرة قد
جرت في حقّ الموظّفين في المؤسّسات و الدوائر النظامية و الثقافية و الطبّية و
غيرها، و إلّا لاختلّ نظام الحكومات و الممالك و الدول و الدوائر و المؤسّسات.
فإنّ لهم قوانين جزائية لمن تخلّف عن آداب الشعوب و القبائل و عن قوانين الحكومات
و الدول. و ليس هذه السيرة ثابتة لهم في حقّ من هو خارج عن شعبهم و طائفتهم و
ملّيتهم و حكومتهم.
و
عليه فأخذ المسلمين بقوانين الإسلام أمر عقلائي حسن معقول جرت عليه سيرة العقلاء.
و السير فيه أنّه لو لا القوانين الجزائية لاختلّ نظام الحكومات و الدول و اندرست
الرسوم و المذاهب و الأديان.
و
العقل لا يقبّح ذلك بعد ما كان قبول الدين و الدخول في الملّية و العيش في ظلّ
الحكومة باختيار الشخص نفسه.