و الكفر الّذي
هو أكبر المعاصي و أعظم الذنوب و الظلم. ثمّ أسلم في أواخر عمره. و قايسناه مع
مسلم ارتكب معاصي و ذنوبا أقلّ و أصغر من المعاصي الصادرة من ذلك الكافر، فمات على
هذا الحال لا بدّ من الالتزام بعذابه في الآخرة لأجل ما صدر منه من المعاصي. و لكن
نلتزم بعدم عذاب الكافر شيئا بمقتضى هذه القاعدة، بل بدخولها في الجنّة من غير أيّ
عذاب. مع أنّه لم يشرك في عمره طرفة عين و لم يرتكب كثيرا من المعاصي الكبيرة
الصادرة عن ذلك الكافر.
أ
ليس ذلك منافيا لعدالة الباري سبحانه؟!
و
الجواب: أنّ ما يرفع بالإسلام هو الآثار الوضعية الظاهرية- كما قلنا-، لا العذاب و
العقاب الاخروي. فهذا الإشكال في غير محلّه؛ لابتنائه على رفع العذاب و العقاب
الاخروي بهذه القاعدة.
و
أمّا إذا كان إسلامه مقرونا بالإيمان و التوبة عمّا ارتكبه حال الكفر، فيمكن
الجواب بأنّ إسلام الكافر إذا كان عن توبة، فهو بإسلامه تاب عن الكفر و عن جميع
المعاصي الصادرة منه حال الكفر. و المسلم الفاسق أيضا لو تاب عن جميع ذنوبه- و لو
في آخر عمره- يغفر له جميع ذنوبه، فيموت و هو كمن لا ذنب له. فما دلّ من الكتاب و
السنّة على غفران جميع الذنوب بالتوبة يشمل الكافر و المسلم على السواء.
فما
ورد من أنّ «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»[1]
يشملهما على حدّ سواء.
نعم
لو مات المسلم الفاسق بعد ارتكاب الكبائر من غير توبة يستحقّ العقوبة. و الفرق
بينه و بين الكافر الّذي أسلم في آخر عمره واضح؛ لأنّه تاب و المسلم لم يتب.
هذا
مع أنّ المسلم الفاسق تناله الشفاعة و يغفر بها لو كان مستحقّا لها.
[1] وسائل الشيعة: ج 11 ب 86 من أبواب جهاد النفس، ح 8.