- بعد
استدلاله بآية من القرآن- بحديث الجبّ؛ حيث قال: «و أمّا الدليل على أنّها تسقط
بالإسلام، قوله تعالى: حَتَّى
يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ. فشرط إعطاءها الصغار، و هذا لا يمكن مع
الإسلام. و أيضا قوله عليه السّلام: الإسلام يجبّ ما قبله، يفيد سقوطها؛ لأنّ عمومه
يقتضي ذلك».[1]
و
تبعه في هذا الاستدلال ابن زهرة في الغنية حيث قال: «و إذا أسلم الذمّي و قد وجبت
عليه الجزية بحلول الحول، سقطت عنه بالإسلام- ثمّ قال قدّس سرّه- و يعارض المخالف
بقوله: الإسلام يجبّ ما قبله».[2]
و
أوّل من عبّر عن هذه القاعدة بقاعدة الجبّ هو السيد مير عبد الفتاح المراغي،[3]
فإنّه عبّر عنها بقاعدة الجبّ و ألّف رسالة في هذه القاعدة في كتابه المسمّى
بالعناوين.[4]
وجه
أهميّة هذه القاعدة
و
هذه القاعدة تثبت لنا أنّ للرفق و اللين و السهولة و الراحة، منصّة مستحكمة في متن
الشريعة الإسلامية و أنّه لا موقف للضيق و الصعوبة فيها. فهذه القاعدة ذات أهمّية
خطيرة من هذا المنظر.
و
ذلك لأنّها تنادي بأعلى صوتها أنّ الإسلام يسقط عن غير المسلمين ما ارتكبوه من
المعاصي و الخطايا حال كفرهم بعد تشرّفهم بالإسلام امتنانا لهم. و أنّ الكافر لا
يكلّف بعد إسلامه بإتيان ما تركه من الوظائف و الواجبات الدينية حال كفره، و لا
يؤاخذ بما ارتكبه من الخطايا و المحرّمات؛ لكي يسهل عليهم اختيار طريق الحقّ و
اتّخاذ سبيل الرشد و الكمال، و لا يصعب عليهم