و
قد أطنب السيّد الخوئي[1] في تقريب
الاستدلال لنفي دلالة إطلاقات التقية على إجزائها بما حاصله: أنّ ما دلّ على حلّية
العمل المضطرّ إليه لأجل التقية- كقوله عليه السّلام: «فقد أحلّه اللّه» و قوله
عليه السّلام: «فانتم منه في سعة» و قوله عليه السّلام: «فإنه جائز»-،[2]
غاية ما يظهر منه نفي الحرمة التكليفية عن نفس الفعل المتّقى به. فإذا كان- لو لا
التقية- حراما؛ إمّا لعدم الأمر به في العبادات و رجوعه إلى التشريع المحرّم أو
لتعلّق النهي به، ترتفع عنه الحرمة بأدلّة التقية و يصير جائزا حلالا.
و
أمّا الشرطية و المانعية، فهي مأخوذة في موضوع الحلّية و الصحّة.
و
لا توجب الحلّية التكليفية تغيّر موضوعها؛ لأنّ الحكم لا يكون مثبتا و لا مغيّرا
لموضوعه. بل إنّما مرجع التجويز و التحليل إلى أنّ ما يتّصف بالبطلان لفقدان شرط
أو وجود مانع، يصير فعله جائزا حلالا بأدلّة التقية. و مرجع ذلك في الحقيقة إلى
جواز إبطال الصلاة عند التقية.
و
بذلك يرتفع الضيق عن شخص المتّقي فيكون في سعة من الفعل المتّقى به، كما ورد في
النصّ.
ثمّ
قال في ختام الكلام: «و ممّا يوضح ذلك بل يدلّ عليه، ملاحظة غير العبادات من
المعاملات بالمعنى الأعمّ؛ فإنّه إذا اضطرّ أحد إلى غسل ثوبه المتنجّس بالبول مرّة
واحدة و لم يتمكّن من غسله مرّتين، أو لم يتمكّن من غسله بالماء فغسله بغير الماء،
أو لم يتمكّن من طلاق زوجته عند عدلين فطلّقها عند فاسقين اضطرارا، لم يمكن أن
يحكم بحصول الطهارة للثوب و لا بوقوع الطلاق على الزوجة بدعوى أنّه أمر قد صدر عن
تقية أو اضطرار.