و أمّا
موردا فالطائفتان كلتاهما، لا إشكال في دلالتهما على جريان هذه القاعدة في جميع
الأحكام من العباديّات و المعاملات و لا سيما الحقوق و الجزائيّات و الضمانات، كما
ستعرفها تفصيلا في مجاري هذه القاعدة و تطبيقاتها الفقهيّة.
و
ذلك بدلالة عموم «أحكامهم» في قوله عليه السّلام: «لزمته أحكامهم»، و إطلاق «ما»
الموصولة في قوله: «ما يستحلّون» و «ما ألزموا به أنفسهم» و «ما يأخذون منكم في
سنّتهم و قضاياهم».
دعوى
الإجماع في المقام
و
أمّا دعوى الإجماع في ذلك فلا يعبأ به؛ نظرا إلى استناد القدماء و المتأخّرين في
ذلك إلى هذه النصوص، فليس هذا الإجماع كاشفا تعبّديا عن رأي المعصوم. مضافا إلى
عدم دعوى الإجماع على ذلك من الفقهاء الفحول، و أن لا خلاف بينهم في الفتوى و
العمل بمضمون هذه القاعدة. و إنّ تسالهم على ذلك رصيد وثيق لهذه القاعدة.
لا
تجري هذه القاعدة في ضروريّات الدين
فتحصّل
أنّ هذه القاعدة لا إشكال في اعتبارها و حجّيتها بنطاقها الواسع، و لكن لا يخفى
أنّه لا نظر لها إلى ضروريّات الدين كالنكاح مع المحارم و أكل الربا و الرشا، بل
إنّما هي ناظرة إلى خصوص أحكام المذهب الّتي خالفهم العامّة في ذلك، بل و غير
العامّة من ساير الفرق و النحل. و كذا ما ثبت بحكم قضاتهم و قيم المتلفات و
المبيعات المحلّلة عندهم و اروش الجنايات الثابتة لديهم، و نحو ذلك.
و
لا يخفى أنّ في ضروريّات الدين لا يتصوّر مخالفة العامّة و إنّما بتصوّر ذلك من
غير المسلمين من أهل ساير الأديان.