الحكم و
الموضوع و فهم أهل العرف الساذج. و ذلك لأنّ الجملة في هذه الرواية إنّما سيقت
لأهميّة الدم و حفظ النفس المحترمة و أنّها أوجبت التقية. فإذا كان حفظ النفوس و
حقن الدماء بدرجة من الأهميّة و الخطورة العظيمة بحيث صار سببا لوجوب التقية، فلا
محالة يكون إراقتها سببا لحرمتها؛ لأنّ في حفظ الدم كما تكون مصلحة إلزامية فكذلك
في إراقتها مفسدة إلزامية. و هذا الوجه هو الملاك المشكّل لمناسبة الحكم و الموضوع
في المقام و موجب للتناسب بين الفقرتين، لا الوجه السابق.
هذا
مضافا إلى لزوم نقض الغرض بتجويز التقية عند ما كانت موجبة لإراقة الدم، فلا يناسب
رفع الوجوب لما سيقت الرواية لأجل أهمّيته، و هو حقن الدماء و حفظ النفوس
المحترمة.
و
أنت ترى ما في هذا الوجه من القوّة و المتانة، و من هنا جعل السيّد الإمام الراحل[1]
هذا الاحتمال أرجح و قوّاه و أيّده بفهم الأصحاب ذلك من الصحيحة المزبورة و من
ساير نصوص المقام، و أشكل بذلك على تردّد بعض المدقّقين[2]،
و جعل تردّده في غير محلّه.
المراد
من الدم في قوله: إذا بلغت الدم ...
لا
إشكال في أنّ المراد من الدم في قوله عليه السّلام: «ليحقن بها الدم، فإذا بلغت
الدم فلا تقية» ليس مطلق الدماء و النفوس، بل إنّما المقصود خصوص دم النفس
المحترمة ممّن كان محقون الدم.
و
الوجه في ذلك أنّ من ليست نفسه محترمة عند الشارع كالكافر الحربي لا حرمة لدمه عند
الشارع حتّى يأمر بحقنه. و كذا المؤمن المستحقّ للقتل حدّا
[1] راجع المكاسب المحرّمة للسيّد الإمام الراحل: ج 2 ص
229- 230.
[2] و هو المحقق العلّامة الميرزا محمّد تقي الشيرازي
في مبحث حرمة الولاية من قبل الجائر.