و يشهد ذلك
بالخصوص صحيحة أبان بن تغلب، قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:
إني
أقعد في المسجد فيجيء الناس فيسألوني فإن لم اجبهم لم يقبلوا منّي، و أكره أن
أجيبهم بقولكم و ما جاء عنكم. فقال عليه السّلام لي: انظر ما علمت أنّه من قولهم،
فأخبرهم بذلك».[1]
و
خبر معاذ بن مسلم النحوي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «بلغني أنّك تقعد في
الجامع فتفتي الناس؟ قلت: نعم، و أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج. إنّي أقعد في
المسجد فيجيء الرجل فيسألني عن الشيء، فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما
يفعلون. و يجيء الرجل أعرفه بمودّتكم، فاخبره بما جاء عنكم. و يجيء الرجل لا
أعرفه و لا أدري من هو، فأقول: جاء عن فلان كذا و جاء عن فلان كذا، فادخل قولكم
فيما بين ذلك، قال: فقال لي: اصنع كذا، فإنّي كذا أصنع».[2]
و
قد عقد صاحب وسائل الشيعة عنوان هذا الباب بقوله: «باب وجوب التقية في الفتوى مع
الضرورة».[3]
حيث
إنّه لا فرق بين الموردين بعد حصول ملاك جواز التقية في الإفتاء و توفّر شرائطها.
فما يظهر من بعض المحقّقين[4] اتّضح
بهذا البيان عدم وجاهته.
و
كذلك الكلام بعينه في إنشاء الحكم بخلاف الحقّ، بلا فرق بينه و بين الفتوى.
نعم
كثير من المحاذير و المضارّ المترتّبة على ترك التقية- المجوّزة لها في غير الفتوى
و الحكم- لا تصلح لتجويز التقية فيهما؛ نظرا إلى شدّة مبغوضية الفتوى و الحكم
بخلاف الحقّ في نظر الشارع؛ لما فيه من تحريف الدين و إضلال الناس، كما قال تعالى:
وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ و
وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ و
وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ.[5]
[1] وسائل الشيعة: ج 11 ب 30 من أبواب الأمر و النهي، ح
1.