و أمّا
الإكراه فعبارة عن تحميل الغير عملا و إيعاده على تركه بما يلجئه إلى العمل، أو
الإيعاد على فعل شيء بما يلجئه على تركه.
و
أيضا التقية واجبة حسب الأدلّة الكثيرة و راجحة في بعض الموارد،[1]
و دليل الإكراه رافع للحكم،[2] فمقتضى
دليل الرفع رفع الحرمة أو الوجوب عمّا أكره عليه، لا جعل الوجوب أو الاستحباب لفعله
أو تركه. و مقتضى دليل التقيّة جعل الحكم لا نفيه.
و
أيضا ظاهر أدلّة التقية أنّها شرّعت لحفظ دماء الشيعة و أعراضهم و أموالهم من غير
خصوصية للمتّقي، و دليل الرفع منّة على المكره و لوحظ فيه حفظ نفسه و عرضه و ماله.
فبعد
كونهما عنوانين مختلفين موضوعا و حكما و موردا و غاية، لا وجه لتسرية الحكم من
التقية إلى الإكراه، بل ظاهر قوله: «إنّما جعلت التقية ليحقن بها الدم ...»[3]
أنّ تشريعها لحفظ الدم، سواء كان دم المتّقي أو غيره من أفراد الشيعة، فاذا بلغت
الدم، أي صارت موجبة لإراقة ما شرّعت لأجله، فلا تقيّة.
و
أمّا نفي الإكراه لمّا شرّع لحفظ مصلحة خصوص المكره، فلا يكون بلوغه دم غيره
مخالفا لتشريعه، فحينئذ يكون هذا الحكم مختصّا بالتقية، و بقي دليل نفي ما اكرهوا
على عمومه. و دعوى إلغاء الخصوصية ممنوعة، بل لا مورد لها، لأنّ خصوصية ما اكره
تخالف خصوصيّة التقيّة، فإنّ في مورد الإكراه توجّه الشرّ إلى الغير و يكون المكره
وسيلة و آلة للمكره و مورد التقية ليس كذلك نوعا.
و
أيضا جعل التقية لحفظ مطلق دم الشيعة، و رفع ما أكره لحفظ خصوص
[1] راجع وسائل الشيعة: ج 11، ص 459، الباب 24 و ما
بعده من أبواب الأمر و النهي.
[2] وسائل الشيعة: ج 11، ص 295، الباب 56، من أبواب
جهاد النفس و ما يناسبه.
[3] راجع وسائل الشيعة: ج 11، ص 483، الباب 31 من أبواب
الأمر و النهي، الحديث 2.