و
أمّا شبهة أنّ التقية راجعة إلى كتمان ما أنزل اللّه، و هو حرام بدلالة قوله:
«الّذين يكتمون ما أنزلناه من بعد ما بيّناه للناس».
فجوابها:
أنّ دلالة الآية الشريفة ناظرة إلى كتمان رسالة نبيّنا على الدوام، لا في واقعة
اقتضته التقية فيها، بل و كتمان ولاية أهل البيت عليهم السّلام و إمامتهم لغرض
إضلال الناس عن الإمامة و إعطاء زمامها إلى غير أهلها، كما في قضيّة سقيفة بنى
ساعدة؛ نظرا إلى أنّ بالولاية و الإمامة يتحقّق إكمال الدين و الرسالة، كما قال
تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ رَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلامَ دِيناً و قوله:
وَ
إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ[1] و
ليست آية تحريم الكتمان، ناظرة إلى الأحكام الجزئية المتوقّف عليه حفظ النفس و
المال و رفع الاضطرار و شوكة المسلمين.
نعم،
إذا كان كتمان الرسالة أو الولاية في مورد جزئي خارجي يتوقّف عليه حفظ النفس لا
ريب عند أحد من المسلمين جوازه؛ لأهمّية حفظ النفس، و لقوله تعالى:
إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً.
و
العجب من هذا المستشكل أنّه كيف أشكل بذلك في أصل مشروعيّة التقية، مع أنه قرأ آية
إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً؟! و إنّها صريحة في مشروعية
التقية.
و
أمّا عدم صدور التقية من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، لو سلّم، فلا يصلح
للدليليّة على عدم مشروعية التقية بعد ما صرّحت بجوازها في الآيات القرآنية؛ ضرورة
أنّ فعل الأصحاب لا يصلح للدليليّة على الأحكام الشرعية، إلّا أن يبلغ إلى حدّ
السيرة و لم يكن مخالفا للكتاب. و دون إثبات ذلك خرط القتاد.
هل
التقية من النفاق و الرياء؟
و
أمّا شبهة كون التقية من النفاق و الرياء، فجوابه: أنّ حقيقة النفاق إظهار الإيمان
ممن لا اعتقاد و لا إيمان له في