الباطن، و
هذا بخلاف التقية، فإنها عكس ذلك؛ لأنّها إظهار الكفر و الفسق ممّن قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ و فكره مستحكم بالاعتقاد بالمذهب الحقّ، مع
كونها لغرض مشروع، بل واجب، من حفظ نفس محترمة، أو السدّ عن العداوة و البغضاء بين
المسلمين. و قد صرّح في الكتاب العزيز بأنّ إيقاع العداوة و البغضاء من إرادة
الشيطان و أمره، كما قال تعالى: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ
الْبَغْضاءَ.[1]
و
أمّا الرياء: فهو إظهار قول أو فعل لتحصيل رضى الخلق فقط، من دون أن يكون غرضه
التوسّل بذلك إلى امتثال أمر اللّه و جلب رضى الخالق.
و
لكن التقية إنّما هي إظهار قول أو فعل جالب لمودّة مخالف في المذهب أو رافع لغيظ
ظالم أو دافع لضرر و خطر، و كلّ ذلك لغرض طاعة الشارع الأقدس و ابتغاء مرضاة اللّه
تعالى. فلو لم يكن لغرض ذلك يخرج عن حقيقة التقية المصطلحة عند الشيعة الإمامية.
التقية
لا تنافي الشجاعة
و
أمّا إشكال بعض أبناء العامّة بأنّ اعتقادكم بشجاعة أمير المؤمنين عليّ و ساير
أئمّة أهل البيت عليهم السّلام ينافي و يناقض مشروعية التقية الخوفية، فإنّ الرجل
الشجاع لا يخاف من أحد.
فالجواب
عنه واضح.
و
ذلك أوّلا: لا يكون الخوف المعتبر في موضوع التقية في اصطلاح الفقهاء النصوص هو
بمعنى الجبن، بل بمعنى الاحتمال العقلائي لتوجّه الضرر و هلاك النفس و ضياع المال.
و
ثانيا: أنّ الشجاعة لا ينافي احتمال توجّه الضرر و الخطر و هلاك النفس و المال. و
هذا لا يستلزم الجبن، كما هو واضح.