مثال
ذلك: أنّ الزواج بلا إشهاد عدلين صحيح عندنا و باطل عندهم، و عكس ذلك في الطلاق؛
حيث إنّهم يشترطون الإشهاد في الزواج دون الطلاق. فيجوز للشيعي التزوّج بالمرأة
الّتي تزوّج منها المخالف بلا إشهاد، و كذا لو طلّق المخالف زوجته بلا إشهاد فيجوز
لنا التزوّج بها، و ذلك لإلزامهم على معتقدهم.
و
كذلك الطلاق ثلاثا بلفظ «أنت طالق ثلاثا» في مجلس واحد باطل عندنا و صحيح عندهم.
فلو طلّق العامي زوجته ثلاثا بهذا اللفظ في مجلس واحد، صحّ للشيعي الزواج بها
إلزاما له على ذلك.
و
أنت ترى أنّ لازم ترتيب الأثر على الحكم المطابق لمذهبهم في المورد الأوّل- و هو
الزواج بلا إشهاد- الحكم بعدم تحقّق الزواج و كون المرأة غير متزوّجة شرعا، و في
الموردين الأخيرين- و هما الطلاق بلا إشهاد و باللفظ المذكور- الحكم بتحقّق الطلاق
الصحيح على مذهبهم.
و
هذه القاعدة تفيد جواز ترتيب الاثر على ذلك للشيعي، بأن تدلّ على صحّة الزواج مع
تلك المرأة في الصور الثلاث المزبورة.
بيان
المقصود من لفظ الإلزام
فاتّضح
من ضوء هذا البيان أنّ المقصود من لفظ «الإلزام» المأخوذ في متن هذه القاعدة، ليس
إلزام الحاكم، و ذلك لما رأيت من عدم دخل لحكم الحاكم في جواز ترتيب هذا الأثر
شرعا. بل المقصود منه إلزام الشارع؛ بمعنى أنّ ترتيب الأثر على الحكم المطابق لرأيهم
لمّا كان بضررهم و على خلاف ميلهم ألزمهم الشارع بترتيب الأثر عليه. فحكم بحكمهم
في مجاري هذه القاعدة إلزاما لهم بتحمّل آثاره و تبعاته المضارّة لهم و المضادّة
لميولهم و منافعهم. و إن كان ذلك الحكم باطلا عنده في نفسه مع قطع النظر عن هذه
الجهة.