و قد يجاب
عن ذلك بحكومة أدلّة التقية، كما يجمع بذلك بين أدلّة الأحكام الأوّلية و بين
أدلّة التقية.
و
لكنّه غير وجيه و ذلك لأنّ الأدلّة الأوّلية لم يؤخذ في موضوعها الخطر و الضرر
بخلاف النصوص المزبورة.
و
الجواب الصحيح: أنّ أدلّة التقية تخصّص عموم النصوص المزبورة كما هو لسان الآية في
قوله: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً، مع أنّ
المستثنى منه في الآية من قبيل النصوص المزبورة. و مثله قوله:
إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ؛ فإنّ
النصوص الآمرة بالتغير و إنكار الظالمين و نهيهم عن الظلم و المنكر و تحريم عونهم
و إيجاب مخاصمتهم، و إن كانت مشتركة مع نصوص التقية موضوعة؛ لأنّ في موضوعهما
كليهما اخذ الخوف و الخطر، إلّا أنّ الثاني بالغ الحدّ الشديد بالإكراه و
الاضطرار، مع ضمّ اطمينان القلب بالإيمان، و استثني من الأوامر الواردة في تلك
النصوص.
و
أيضا من القواعد الّتي يعارضها قاعدة التقية، قاعدة «لا تعاد» في الخمس المستفاد
وجوب إعادتها من حديث «لا تعاد». و ذلك لأنّ قاعدة التقية- بناء على القول
بإجزائها- تنفي وجوب الإعادة بعد رفع الاضطرار، و لكن قاعدة «لا تعاد» تقتضي وجوب
الإعادة عند الاختلال بأحد الخمس المذكورات في الحديث.
و
هذه المعارضة لا تختصّ بقاعدة التقية، بل تقع بين جميع الأوامر الاضطرارية و بين
قاعدة «لا تعاد» على النحو المذكور.
و
لكن هذه المعارضة بدوية ترتفع بالتأمّل في مفاد حديث لا تعاد و مورده؛ إذ مورده
كما قرّر في محلّه ترك أجزاء الصلاة و شرائطها نسيانا، لا اضطرارا، كما قرّر في
محلّه.
و
عليه فقاعدة التقية- كسائر أدلّة الاضطرارية- تقتضي الإجزاء في التقية