لأجل التقية
خلاف مقتضى لسان أدلّتها من الامتنان على شخص المتّقي. و من هنا لا تعارض بين
قاعدة التقية و بين أدلّة نفي الضرر و الحرج دائما؛ نظرا إلى خروج مواردهما عن
مصبّ هذه القاعدة.
ثمّ
إنّ أوّل ما يعارضه أدلّة التقية و نصوصها هو دليل الحكم الأوّلي؛ حيث يفيد وجوب
إتيان متعلّقه و عدم الصحّة و لا إجزاء الإتيان بغيره.
و
لكن أدلّة التقية- كأيّ دليل اضطراري آخر- يكون لها لسان البدلية بالنسبة إلى
أدلّة الأحكام الأولية و تفيد تنزيل المأتيّ به تقية منزلة الواجب الأوّلي
الاختياري. و قد قرّرنا في قاعدة الإجزاء- من علم الاصول في كتابنا «بدائع
البحوث»- أنّ دليل البدل الاضطراري حاكم على دليل الواجب المبدل الاختياري، بتوسعة
موضوعه و متعلّقه إلى البدل.
كذلك
دليل التقية- الّذي هو من قبيل الأوامر الاضطرارية- حاكم على دليل الحكم الأوّلي
الاختياري. فهو متقدّم عليه بالحكومة.
و
من الأدلّة الّتي يخالفها أدلّة التقية و تعارضها، أصالة عدم النقل و الانتقال في
المعاملات. فإنّ أدلّة التقية و نصوصها واردة على هذا الأصل. و ذلك لأنّ موضوعه
الشكّ في صحّة المعاملة.
بيان
ذلك: أنّ حصول النقل و انتقال الملك شرعا يتوقّف على تحقّق السبب الشرعي لذلك. فلو
شككنا في صحّة عقد يرجع ذلك في الحقيقة إلى الشكّ في تحقّق السبب الشرعي للنقل و
انتقال المال من ملك صاحبه إلى غيره. و مقتضى ذلك الشكّ في خروج المال على ملك
مالكه و عدم خروجه؛ لأنّ النقل و الانتقال أمر حادث و الأصل عدم تحقّقه. و هذا
معنى أصالة عدم النقل في المعاملات.
و
في المقام إذا شككنا في صحّة المعاملة الواقعة تقية و في كفايتها عن تجديد العقد
عند رفع موجب التقية، مقتضى الأمر بالتقية صحّتها و إجزائها عن