بل ذلك من
ضروري الدين، بلا اختصاص بالمذهب، كما عرفت من لسان الآيات الناطقة بمشروعيتها.
و
عليه فلا حاجة إلى الإجماع بعد كونها من ضروريات المذهب، بل الدين، و بعد دلالة
الكتاب و السنّة المتواترة على مشروعيتها. بل الإجماع في مثل هذه الموارد لا يكون
تعبّديا كاشفا عن رأي المعصوم بما أنّه إجماع؛ نظرا إلى استناد مشروعيتها إلى
الأدلّة اللفظية من الكتاب و السنّة، بل و حكم العقل في الجملة.
أمّا
الاستدلال بأدلّة لا ضرر، فهو أخصّ من المدّعى؛ لأنّها إنّما تصلح للاستدلال في
موارد ترتّب الضرر على ترك التقية، و موارد التقية أعمّ من ذلك؛ نظرا إلى شمولها
لما إذا كان ترك التقية موجبا لوهن الدين، أو كان في التقية مصلحة الإسلام و
المسلمين و تقوية الشريعة و اعتلاء المذهب، كما في التقية المداراتية.
حكم
معارضتها مع ساير الأدلّة
لا
ريب في عدم مشروعية التقية المباحة و المستحبّة في موارد ورد بها ضرر على شخص
المتّقي أو حرج؛ نظرا إلى حكومة أدلّة نفي الحرج و الضرر و إلى كون أدلّة التقية
في مقام الامتنان على الشيعة، كما هو واضح. و في الحقيقة لا معارضة بين قاعدة
التقية و بين أدلّة نفي الضرر و الحرج. و ذلك لخروجهما عن نطاق أدلّة التقية؛ نظرا
إلى كونها في مقام الامتنان على شخص المتّقي و موارد لزوم الضرر و الحرج على شخص
المتّقي خلاف مقتضى وضع التقية و لسان أدلّتها. و قد عرفت سابقا انتفاء وجوب
التقية إذا كانت موجبة لإراقة الدم. و قد دلّ عليه قوله: «فإذا بلغت الدم فلا
تقية».[1]
و
أمّا في غير موارد إراقة الدم، فلا إشكال في كون تحمّل الضرر و الحرج
[1] وسائل الشيعة: ج 11 ب 31، من الأمر و النهي، ح 1 و
2.