(مسألة
20): يشترط في الوصيّة العهديّة أن يكون ما أوصى به عملًا سائغاً تعلّق به أغراض
العقلاء (1)، فلا تصحّ الوصيّة بصرف ماله في معونة الظلمة و قطّاع الطريق و تعمير
الكنائس و نسخ كتب الضلال و نحوها، و كذا بصرف المال فيما يكون سفهاً و عبثاً.
نعم،
هنا إشكال، و هو: أنّ الوصيّة- بناءً على رأي السيّد الماتن قدس سره- من
الإيقاعات، و الإجماع قائم على عدم جريان الفضولية في الإيقاعات.
و
الجواب: أنّ معقد الإجماع هو عدم صحّة العتق و الطلاق الفضوليين، دون غيرهما. و
حيث إنّ الإجماع دليل لبّي فيؤخذ بالقدر المتيقّن من معقده؛ و هو الطلاق و العتق.
و يرجع في غيره إلى مقتضى القاعدة؛ و هو صحّة الوصيّة الفضولية، كسائر المعاملات
الفضولية، كما قلنا.
بل
ربّما يقال: إنّ الوصيّة الفضولية أولى بالجواز؛ نظراً إلى عدم توقّفها على
القبول- بناءً على كونها إيقاعاً- فلا يرد إشكال أنّ في زمان القبول لم تكن إجازة،
و عند الإجازة لا قبول.
وجه
عدم الورود: أنّ القبول في مثل الوصيّة يتحقّق بنفس الإجازة، و لا يضرّ الفصل
الطويل بين الإنشاء و القبول بعد ابتناء الوصيّة في ماهيتها على الفصل الطويل
بينهما بموت الموصي، كما سبق بيان ذلك مفصّلًا.
1-
و الوجه فيه: أنّ ما ليس فيه غرض عقلائي يكون خارجاً عن عناوين المعاملات كلّها؛
لانصرافها عنه، و كذا الوصيّة. و أمّا ما لا يكون جائزاً شرعاً فيمنع ما دلّ على
حرمته عن نفوذ الوصيّة فيه؛ نظراً إلى شمول إطلاقات أدلّة حرمتها لموارد الوصيّة،
فتكون غير مشروعة.