و
الذي يقتضيه التأمل في المقام أنّ فساد العقد في مفروض الكلام يكون لوجهين:
أحدهما:
كون المضاربة في هذا الفرض غررية. و ذلك يبتني على تضرّر المالك بعجز العامل عن
الاتّجار ببعض المال. و إنّ تضرّره بذلك إمّا لصدق الضرر على ركود ما لم يتّجر به العامل
من مال القراض بحبسه في يد العامل بلا منفعة و ربح- فيما لو تبيّن مقدار المعجوز
عن الاتّجار به بعد العمل أو في الأثناء- كما قيل بضمان المنافع غير المستوفاة في
غصب الدابة و العبد الكسوب؛ لصدق إتلاف المال بتفويت منافعه غير المستوفاة، و لا
سيّما إذا كثُر مقدار ما يعجز عن الاتّجار به و طال زمان ركوده فيتضرّر المالك
حينئذٍ بتفويت منافعه غير المستوفاة. و لكنّه مشكل في النقود، و إنّما أفتى
الفقهاءُ بذلك في الدوابّ و العبد و نحو ذلك من الآلات و المعامل و الجهازات ممّا
له اجرة و كراءٌ عادةً، هذا مع احتمال اختصاص النهي بالبيع الغرري؛ نظراً إلى ورود
النصّ في خصوصه، و لم يرد في غيره من أنحاءِ المعاطاة. و سيأتي البحث عن هذا النصّ
سنداً و دلالةً، فانتظر.
ثانيهما:
عدم تعلّق الإذن من المالك بمثل هذه المضاربة؛ حيث إنّه رضي بها لجهله بحال
العامل، و إلّا فلو كان قد اطّلع على عجزه عن التجارة حين الإنشاء، لما كان يرضى
بتسليم ماله إليه. و عليه فلا تكون المضاربة حينئذٍ تجارة عن تراضٍ، فيشكل الحكم
بصحّتها.
و
حاصل الكلام: أنّه يشكل الحكم بصحّة عقد المضاربة لو كان العامل عاجزاً عن التجارة
ببعض المال من أوّل الأمر، و لا سيّما إذا كان مقداره كثيراً.