و لكن كلّ
ما سبق من الكلام كان في الشركة غير العقدية. و هي خارجةٌ عن محلّ الكلام، فإنّ
محلّ الكلام هاهنا في الشركة العقدية.
و
أمّا الشركة العقدية، فقد وقع الخلاف في ذلك، و ذهب جماعة إلى جواز تصرّف كلٍّ من
الشريكين بنفس إنشاء عقد الشركة بالصيغة، بلا حاجة إلى تصريح الآخر بالإذن، بل
عرّفوا الصيغة بما دلّ على الإذن كما في القواعد و التذكرة و التحرير و المسالك و
جامع المقاصد[1]. و نقل في
المفتاح عن التذكرة أنّه علّل ذلك بما حاصله: «لأنّ الاصل عصمة الأموال على أربابها،
فلا يصحّ التصرّف فيها، إلّا بإذنهم. و إنّما يُعلم الرضا و الإذن باللفظ الدالّ
عليه؛ لأنّ الأفعال لا دلالة لها. و هذه الصيغة قد تكون قبل المزج فتدلّ على الرضا
به و بالتصرّف للاستنماء و الاسترباح»[2].
و
خالف ذلك جماعة و اختاروا عدم جواز تصرُّف كلِّ من الشريكين في المال المشترك،
مطلقاً حتّى في التكسُّب و التجارة به، إلّا بإذن الآخر، و هو قول أبي حنيفة و أحد
قولي الشافعي كما قال في المفتاح[3].
قال
في جامع المقاصد: «و لا بدّ من صيغة؛ لأنّ الأصل عصمة الأموال على أربابها، فلا
يصحّ التصرّف فيها إلّا بإذنهم. و إنّما يعلم الإذن باللفظ الدالّ عليه؛ لأنّ
الأفعال لا دلالة لها، فإن أذن كلّ منهما لصاحبه صريحاً فلا بحث في الصحّة.
و
لو قال كلٌّ منهما: «اشتركنا» و اقتصر عليه مع قصدهما الشركة بذلك، ففيه وجهان: