إن
قلت: إذا كان كذلك فأيّ حاجة إلى روايات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة
المعصومين عليهم السلام في تفسير القرآن و تأويله؟!
قلت:
إنّ ما قلناه إنّما هو حقّ صادق في محكمات القرآن و مبيّناته، و يصح توصيف القرآن
بالأوصاف المزبورة بلحاظ كون أكثر آياته من المحكمات و المبيّنات. فليست عمومات
القرآن المخصّصة بمخصّصاته و لا مطلقاته المقيّدة بمقيّداته و لا مجملاته المبيّنة
بمبيّناته من المتشابهات؛ لعدم تشابه و اشتباه في مضامين هذه الآيات و معانيها
المرادة بعد ارتفاع الاختلاف البدوي بالجمع العرفي بينها، بل لا يبقى أهل العرف
متحيّرين في فهم المقصود منها و استكشاف مراد اللّه من ظواهر مثل هذه الآيات.
و
إنّما الحاجة إلى أحاديث أهل البيت عليهم السلام فيما يحتاج إلى التفسير و
التأويل، من متشابهات الآيات التي لا يرتفع الاشتباه و التشابه منها بنفس القرآن.
و
من هنا صرّح في بعض الآيات القرآنية بنفي العلم بتأويل خصوص المتشابهات عن غير
اللّه و الراسخين في العلم. و إنّ لهذا الكلام تتمّة تأتي في قاعدة التفسير
بالرأي.
نقد
كلام العلّامة الطباطبائي
و
إنّ للعلّامة الطباطبائي مسلكا في المقام يظهر منه الاستغناء بالآيات المفسّرة عن
الحاجة إلى النصوص الواردة عن أهل البيت عليهم السلام، و عدم كون ذلك من قبيل
التفسير بالرأي؛ حيث إنّه- بعد بحث جامع طويل في المراد من التفسير بالرأي- قال:
«و
المحصّل أنّ النهي عنه إنّما هو الاستقلال في تفسير القرآن و اعتماد المفسر على
نفسه، من غير رجوع إلى غيره. و لازمه وجوب الاستمداد من الغير بالرجوع إليه. و هذا
الغير لا محالة إما هو الكتاب و السنة. و كونه هي السنة ينافي