بعض كلامه
بالبعض الآخر منه و يحتجّون به على مقصوده. و هذا غير تفسير كلامه بما نقل عنه
باخبار الثقة.
و
لا إشكال في كون بعض الآيات قرينة على فهم المراد من الآيات الأخر، كما تسالم
الأصحاب و اتفق النص و الفتوى على تقييد إطلاقات القرآن بمقيداتها و تخصيص
عموماتها بمخصصاتها و تبيين مجملاتها و متشابهاتها بمبيّناتها و محكماتها.
و
هذا الأسلوب في إلقاء الخطابات و بيان المراد منهج عقلائي رائج متداول بين
المقنّنين في التقنينات. و القرآن كتاب القانون أيضا؛ حيث وضعت فيها قوانين سلوك
الإنسان في أموره الفردية و الاجتماعية و الثقافية و النظامية و العبادية و
الاقتصادية و السياسية و ساير شئون الحياة البشرية على نحو القضايا الحقيقية. و قد
جرت سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و الأئمّة المعصومين عليهم السلام في تشريع
الأحكام و بيانها على هذا الأسلوب أيضا. و قد بحثنا عن ذلك تفصيلا في الجزء الخامس
من كتابنا «بدائع البحوث».
فاتضح
على ضوء البيان المزبور، أوّلا: أنّ للتفسير القرآني- أعني به تفسير القرآن
بالقرآن- جذرا في السيرة العقلائية المحاورية.
و ثانيا:
أنّ القرآن موضح لنفسه و يفسّر بعضه بعضا و ينطق بعض آياته بمعونة قرينية بعضها
الآخر. و كيف لا يكون كذلك؟! و قد قال اللّه تعالى:
وَ
نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ[1] و
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ[2] و
هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ[3].
فاذا
لم يكن القرآن موضحا لابهام آياته و مبيّنا لاجمال نفسه، كيف يكون تبيانا لكلّ
شيء و بيانا للناس و هدى و موعظة للمتّقين؟!.