الثالث: كون المقصود حركة الجبال في هذه الدنيا، كحركة ساير
أجزاء الأرض بتبع الحركة الانتقالية للكرة الأرضية. و هذا الاحتمال هو
الأنسب لسياق الآية. لأنّ الحركة التي لاتُرى في الظاهر و تكون من سنخ
مرور السحاب، هي الحركة الانتقالية للأرض و كلّ ما عليها من الجبال و
القُلَل، و هي مع مالها من الحركة السريعة بتبع حركة الأرض ثابتة و
ساكنة في محلّها من غير حركة لها و هذا من عجائب صنع اللَّه و من
دلائل إتقانه التي تجلب نظر كل ناظر مفكِّرٍ إلى خالقها الحكيم و صانعها
البديع.
و أما سير الجبال في طليعة القيامة و ان كان من سنخ الحركة
الانتقالية أيضاً، إلّاأنها ظاهرة مرئية مشهودة لاخفاءَ لها، بخلاف
حركتها في الدنيا بتبع حركة الأرض. فانّا نرى الجبال في الدنيا جامدة
ساكنة في الظاهر، و الحال انها تتحرّك بسرعة و تمرّ بتبع مرور الأرض
و حركتها الانتقالية حول الكرة الشمسية.
و أما الحركة الجوهرية، فهي بمعزل عن مقصود الآية؛ إذ لاتناسب
التشبيه بمرور السحاب، و لعدم اختصاصها بالجبال، بل هي جارية في
متن كل وجود مادّي.
و من هذا القبيل قوله تعالى: «ألمتر أنّ اللَّه يزجي سحاباً ثمّ يؤلَّف بينه ثم
يجعله رُكاماً فترى الودق يخرج من خلاله و يُنزِّلُ من السماء من جبال فيها من
بردٍ فيُصيبُ به من يشاءُ و يصرفه عن مّن يشاءُ يكاد سنابَرقه يذهب